تتسارع الأفكار وتتداخل مع هدوء الليل لتقلق راحة الحياة اليومية وتعيق العملية الحيوية للراحة والتجديد، هذا ما يُسمى علمياً باضطرابات النوم.
تظهر هذه الاضطرابات في صور متنوعة، من صعوبات في الغفوة أو القدرة على البقاء في النوم لساعات كافية. نسلط الضوء على كيفية تحسين جودة النوم ونتعرف إلى أسباب هذه الاضطرابات.
ما هي اضطرابات النوم؟
تؤثر اضطرابات النوم في ملايين الأفراد في جميع أنحاء العالم، وإحدى أنواعها الأرق المزمن الذي ينتشر لدى ما يصل إلى 50% من السكان، ويؤثر في جودة حياتهم اليومية.
تشمل اضطرابات النوم، مجموعة من الحالات التي تعيق الأنماط الطبيعية للنوم لدى الأفراد. يمكن أن تؤثر هذه الاضطرابات في جودة النوم ومدته وتوقيته، مما يؤدي إلى الإجهاد النهاري وتقليل القدرة على إجراء الأنشطة اليومية.
يمكن أن تحدث اضطرابات النوم بشكل مستقل أو جنبٍ إلى جنب مع حالات طبية أو صحية عقلية أخرى.
أهمية النوم
النوم العميق هو جزء أساسي من نمط الحياة الصحي. إنه يسمح للجسم بالراحة والإصلاح والتجدد، مع تعزيز الوظائف البدنية والعقلية المُثلى. خلال النوم، يستعيد الدماغ الذكريات وينظم الهرمونات ويستعيد مستويات الطاقة مما يعزز الأداء البدني والمعرفي.
توصي مؤسسة النوم الوطنية الأمريكية بأن يهدف البالغون للحصول على سبع إلى تسع ساعات من النوم الهادئ كل ليلة، على الرغم من أن احتياجات النوم الفردية قد تختلف.
كما أن النوم الكافي ضروري للحفاظ على جهاز المناعة القوي، ودعم الصحة القلبية وتنظيم الأيض، وتعزيز الأداء والوظائف العقلية.
ومع ذلك، العديد من الأفراد لا يستطيعون الحصول على قدر كاف من النوم، بسبب إصابتهم بأحد أنواع اضطرابات النوم، لنتعرف إلى أبرز هذه الأنواع.
أنواع اضطرابات النوم
تظهر اضطرابات النوم بأشكال مختلفة، فيما يلي أشهرها:
الأرق
اضطراب الأرق (Insomnia) هو أكثر اضطرابات النوم انتشارًا، إذ يتميز بصعوبات في الدخول في النوم، أو البقاء في النوم لفترة طويلة، أو تجربة نوم مريحة.
غالباً ما يشعر الأفراد المصابون بالأرق بالتعب والاضطراب وصعوبة التركيز خلال النهار.
انقطاع النفس الانسدادي النومي
يعد فقدان التنفس في أثناء النوم اضطرابًا تنفسيًا يحدث فيه توقفاً متكرراً في التنفس بسبب عائق كامل أو جزئي في المجرى التنفسي.
غالباً ما يترافق انقطاع النفس الانسدادي النومي (Obstructive sleep apnea) بالشخير الصاخب أو خروج الأصوات العالية في أثناء النوم.
متلازمة تململ الساقين
متلازمة تململ الساقين (RLS) هي اضطراب عصبي يتميز بإحساس غير مريح في الساقين، يرافقه غالباً رغبة لا تقاوم في تحريكهم، مما قد يقلق راحة الفرد في أثناء نومه.
تتفاقم هذه الحالة عادةً في المساء أو في الليل، مما يؤدي إلى تعطيل النوم والأنشطة. قد تؤثر هذه المتلازمة في الأفراد في أي عمر وتميل إلى أن تصبح أكثر حدة مع تقدم العمر.
التغفيق
يُطلق عليه أيضاً النوم القهري أو الناركولبسي (Narcolepsy)، وهو اضطراب عصبي يؤثر في قدرة المخ على تنظيم دورات النوم والاستيقاظ.
يعاني الأفراد الذين يعانون من الناركولبسي من النعاس الزائد خلال ساعات النهار، وقد يصابون بنوبات فجائية ولا يمكن السيطرة عليها من النوم في أثناء النهار.
اضطراب إيقاع الساعة البيولوجية
تحدث اضطرابات دورة الساعة البيولوجية للنوم والاستيقاظ عندما تكون الساعة البيولوجية الداخلية للفرد غير متناسقة مع جدول نومه المرغوب.
يمكن أن يؤدي ذلك إلى صعوبات في النوم أو البقاء في النوم أو الاستيقاظ في الوقت المرغوب.
اضطرابات النوم الأخرى
هناك العديد من اضطرابات النوم الأخرى التي يمكن أن تؤثر في جودة نوم الفرد. تشمل هذه الحالات الباراسومنيا Parasomnia، مثل المشي في أثناء النوم والذعر في أثناء النوم، واضطراب نوم حركة العين السريعة (REM)، واضطراب فرط النعاس.
ما أسباب اضطراب النوم؟
يمكن أن تسهم بعض الحالات الطبية في تطوير اضطرابات النوم، إذ تؤثر هذه الحالات سواء بشكل مباشر في النوم أو بشكل غير مباشر من خلال خلق إزعاج وألم يعيق القدرة على النوم أو البقاء في النوم لفترة كافية.
فيما يلي بعض الأمثلة للحالات الطبية المرتبطة باضطرابات النوم:
- حالات الألم المزمنة، مثل التهاب المفاصل أو الفيبروميالجيا (Fibromyalgia).
- اضطرابات التنفس، مثل الربو أو الانسداد الرئوي المزمن (COPD).
- الاضطرابات العصبية، مثل مرض باركنسون أو الزهايمر.
- الاضطرابات الهضمية، مثل مرض الارتجاع المعدي المريئي (GERD) أو متلازمة القولون العصبي (IBS).
يعد معالجة الحالة الطبية الكامنة أمرًا أساسيًا لإدارة اضطرابات النوم وتحسين جودته.
تشمل الأسباب الأخرى المحتملة لاضطرابات النوم ما يلي:
- الاضطرابات النفسية: يمكن أن تؤثر الحالات النفسية بشكل كبير في جودة ومدى الراحة في النوم. الحالات مثل القلق، والاكتئاب، واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، واضطراب ثنائي القطب، قد تؤثر في أنماط النوم وتؤدي إلى الأرق أو النوم الزائد.
- العوامل الوراثية: أظهرت الأبحاث وجود تغيرات وراثية محددة ترتبط ببعض اضطرابات النوم، مثل النوم القهري ومتلازمة الساقين العصبية. يمكن أن يزيد وجود تاريخ عائلي لاضطرابات النوم من خطر تطوير هذه الحالات.
الأدوية: قد تتداخل بعض العلاجات الدوائية مع النوم، ومن بين هذه الأدوية:
- الأدوية المحفزة، مثل تلك المستخدمة لعلاج اضطراب فرط نشاط الانتباه وفرط الحركة (ADHD).
- مضادات الاكتئاب.
- حاصرات بيتا وبعض الأدوية المعالجة لارتفاع ضغط الدم، والتي قد تسبب الأرق.
- الستيرويدات القشرية، التي قد تؤثر في نمط النوم وتسبب الأرق.
إذا كنت تشتبه في أن الدواء قد يسهم في اضطراب النوم، من المهم استشارة الطبيب المختص؛ لتقييم تأثيره واقتراح تعديلات أو بدائل.
نمط الحياة واضطرابات النوم
تستطيع العادات ونمط الحياة اليومي في أن تؤثر بشكل كبير في جودة النوم، وتشمل تلك العوامل ما يلي:
- الجدول غير المنتظم للنوم.
- شرب كميات كبيرة من الكافيين أو الكحول.
- التعرض لشاشات الإلكترونيات قبل النوم.
معالجة عوامل نمط الحياة وتبني عادات نوم صحية يمكن أن يكونا مفتاحًا في تحسين النوم.
علاج اضطرابات النوم
يشمل علاج اضطرابات النوم مجموعة متنوعة من العلاجات الطبية وتغييرات في نمط الحياة. من بين العلاجات الدوائية التي يلجأ لها الأطباء ما يلي:
- الحبوب المنومة بجرعات مدروسة ولفترة محددة.
- منبهات الدوبامين كخيار علاجي أولي لمتلازمة تململ الساقين.
- مكملات الميلاتونين، وهو الهرمون المسئول عن النوم.
- أدوية الحساسية أو نزلات البرد التي قد تساعد على علاج حالات انقطاع التنفس في أثناء النوم.
- أدوية للتعامل مع الأمراض المزمنة.
- واقيات الأسنان لمن يعانون من طحن الأسنان.
بالإضافة إلى الضغط الهوائي الإيجابي المستمر (CPAP)؛ نظراً أنه أحد الطرق الأكثر فعالية لعلاج حالات انقطاع التنفس الانسدادي النومي.
يمكن لإجراء تغييرات في نمط الحياة، مثل إضافة المزيد من الخضار والأسماك في النظام الغذائي، وتقليل تناول السكريات، وممارسة الرياضة بانتظام، والالتزام بجدول نوم منتظم، أن تحسن بشكل كبير جودة النوم.
من المهم أيضًا النظر إلى العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، الذي يظهر فعاليته في علاج الأرق المزمن ويفوق العلاج الدوائي في هذا السياق.
تُشكل اضطرابات النوم تحديًا شائعًا يواجهه العديد من الأفراد، ولكن الفهم الشامل لأنواعه وأسبابه وطرق العلاج المحتملة واعتماد أسلوب حياة صحي يمكن أن يساعد على تحسين جودة النوم والحياة اليومية.
يمتلك مستشفى الموسى التخصصي “مختبر النوم” الذي يتم فيه دراسة وتحليل أنماط النوم لدى الأفراد.
خلال الفحص يقوم فني مختبر النوم بوضع مجسات على أماكن متفرقة من الجسم، كالرأس والوجه والصدر والبطن والرجلين، حيث يقوم جهاز اضطرابات النوم بتسجيل وقياس الموجات الكهربائية للدماغ وحركات التنفس ونسبة الأكسجين في الدم وضربات القلب، مع تسجيل وتصوير كافة حركات الأطراف من خلال كاميرا عالية الدقة. ويتم ذلك دون أي آلام، ويمكث المريض في غرفة خاصة مريحة أقرب ما تكون إلى غرف النوم، مع كل وسائل الراحة والسلامة العامة، ويقضي ساعات نومه من الساعة العاشرة مساءً حتى الصباح، وأحيانًا قد تحتاج بعض الفحوصات إلى الفترة الصباحية.
يعالج مختبر النوم اضطرابات النوم المختلفة، مثل الأرق، انقطاع النفس النومي، متلازمة تململ الساقين، والنوم القهري، وغيرها.
فوائد مختبر النوم:
1. تشخيص دقيق: يساعد على تحديد السبب الرئيسي لمشاكل النوم من خلال مراقبة وتحليل نشاط الدماغ، معدل ضربات القلب، التنفس، وحركات الجسم أثناء النوم.
2. تقديم العلاج المناسب: بناءً على نتائج الاختبارات، يمكن للأطباء تحديد العلاجات المناسبة لكل حالة، سواء كانت تتطلب تغييرات في نمط الحياة، أو علاج دوائي، أو استخدام أجهزة طبية
3. تحسين نوعية الحياة : من خلال معالجة اضطرابات النوم، يمكن للمرضى تحسين جودة نومهم، مما ينعكس إيجابياً على صحتهم العامة وأدائهم اليومي.
لا تنس إجراء استشارة طبية متخصصة؛ لمعرفة السبب الكامن لاضطراب النوم لديك وطريقة العلاج المُثلى. احجز موعدك اليوم في عيادات الموسى.
أيضا