يشغل التهاب الأذن الوسطى أذهان الكثيرين، فهو ضيف ثقيل يزورنا بين الحين والآخر، خاصةً عند صغارنا. يُسبب هذا الالتهاب شعورًا مزعجًا بالألم وصعوبات في السمع، ناهيك عن المضاعفات الخطيرة التي قد تنجم عن إهماله.
ولكن لا داعي للقلق، ففي هذا المقال، سنغوص في رحلةٍ لمعرفة سبل علاج التهاب الأذن الوسطى، مع تسليط الضوء على دور المضادات الحيوية في مكافحة هذه العدوى.
ما علاج التهاب الأذن الوسطى وأبرز أعراضه؟
تنتج حالات التهاب الأذن الوسطى عادةً عن التهابات بكتيرية أو فيروسية تؤدي إلى التهاب وتجمع السوائل في الأذن. تتنوع الأعراض، لكنها غالبًا ما تشمل:
- الألم في الأذن.
- الحمى.
- فقدان السمع.
- الشعور بالامتلاء أو الضغط في الأذن المصابة.
يعتمد علاج التهاب الأذن الوسطى على سبب العدوى وشدتها، وتشمل العلاجات المتاحة الأدوية الفموية، القطرات الموضعية في الأذن، بالإضافة إلى بعض العلاجات المنزلية لتخفيف الأعراض. لنتعرف إلى كل منهم بالتفصيل.
حبوب التهاب الأذن الوسطى
يلجأ الطبيب للأدوية الفموية بمختلف استخداماتها للتخفيف من الالتهاب وتحسين الأعراض، وهي متمثلة في:
المضادات الحيوية
تُعد المضادات الحيوية علاجًا شائعًا لالتهاب الأذن الوسطى البكتيري، إذ تساعد على القضاء على العدوى الأساسية. يعتمد اختيار المضاد الحيوي على عوامل، مثل عمر المريض، شدة العدوى، وأي حساسية محتملة. من المضادات الحيوية الموصوفة بشكل شائع لالتهاب الأذن الوسطى:
- أموكسيسيلين.
- أموكسيسيلين مع كلافولانات.
- عائلة السيفالوسبورينات، مثل: سيفوروكسيم، سيفبودوكسيم.
- عائلة الماكروليدات، مثل: أزيثروميسين، كلاريثروميسين.
في الحالات خفيفة الشدة، قد يُوصى بنهج الانتظار والمراقبة، إذ يراقب مقدم الرعاية الصحية أعراض المريض عن كثب ويستبعد أي أسباب أخرى للأعراض قبل اتخاذ قرار بوصف المضادات الحيوية.
مسكنات الألم
يلجأ الأطباء لهذه الأدوية لتخفيف الانزعاج المرتبط بالتهاب الأذن الوسطى، غالبًا ما يوصي مقدمو الرعاية الصحية باستخدام مسكنات الألم التي تُصرف دون وصفة طبية، مثل:
- الأسيتامينوفين (الباراسيتامول).
- الإيبوبروفين.
هذه الأدوية يمكن أن تساعد في تقليل الحمى وتخفيف الألم الناجم عن الحالة الالتهابية بشكل مؤقت.
مزيلات الاحتقان ومضادات الهيستامين
في بعض الحالات، قد يصف مقدمو الرعاية الصحية مزيلات الاحتقان أو مضادات الهيستامين للمساعدة في تقليل التورم والالتهاب، مما يمكن أن يحسن خروج المفرزات ويخفف الأعراض خاصة عند ترافقها مع حالات التهاب جهاز تنفسي في آن واحد.
قطرات الأذن
قد تُوصف قطرات الأذن الموضعية التي تحتوي على مضادات حيوية أو مسكنات للألم؛ لعلاج الالتهاب مباشرة وتقليل الالتهاب.
هل التهاب الأذن الوسطى يحتاج عملية؟
في بعض الحالات، خاصة عندما يكون التهاب الأذن الوسطى متكررًا أو مزمناً أو مرتبطًا بمضاعفات خطيرة يكون العلاج الجراحي ضروريًا.
تشمل الإجراءات الجراحية الأكثر شيوعًا لعلاج التهاب الأذن الوسطى ما يلي:
أنابيب فغر الطبلة (Tympanostomy)
فغر الطبلة هو إجراء يُحدِّث فيه الجرّاح شقاً صغيراً في طبلة الأذن للسماح بتصريف السوائل من الأذن الوسطى. يمكن بعد ذلك إدخال أنابيب التهوية للحفاظ على الفتحة وتسهيل التصريف المستمر، مما يمنع تراكم السوائل ويقلل من خطر العدوى المستقبلية.
غالبًا ما تُستخدم أنابيب فغر الطبلة عند الأطفال المصابين بالتهابات الأذن الوسطى المزمنة أو أولئك الذين لم يستجيبوا العلاج الطبي الدوائي.
استئصال اللحمية (Adenoidectomy)
في بعض الحالات، قد يُوصى بإزالة اللحمية، وهي الأنسجة اللمفاوية الموجودة في الجزء الخلفي من الحلق والتي يمكن ان تسهم في تطور التهاب الأذن الوسطى عند تضخمها وسد الأنابيب السمعية.
أظهرت الدراسات أن استئصال اللحمية يمكن أن يقلل بشكل كبير من حدوث التهاب الأذن الوسطى المزمن ويُحسن نتائج السمع لدى الأطفال بشكل خاص.
استئصال الخشاء (Mastoidectomy)
يُجرى استئصال الخشاء عندما ينتشر التهاب الأذن الوسطى إلى الجمجمة، مما يسبب التهاب الخشاء. كما يُستخدم أيضًا لعلاج الخلم الصدفي، وهو نمو غير سرطاني يتكون خلف طبلة الأذن.
يتضمن الإجراء إزالة الخلايا المريضة من المساحات المملوءة بالهواء في عظم الخشاء، مما يساعد على تصريف العدوى ومنع المزيد من المضاعفات.
ما هو أفضل مضاد حيوي لالتهاب الأذن؟
يختلف التهاب الأذن من شخص لآخر، ومثله تختلف العدوى التي تُسببه، ولذلك لا توجد إجابة سهلة وموحدة على سؤال: أي مضاد حيوي هو الأفضل لعلاجه؟
ولكن ما هي العوامل التي تُؤثر في اختيار المضاد الحيوي المناسب؟
- نوع البكتيريا المسببة للعدوى: تُقاوم بعض أنواع البكتيريا أنواع محددة من المضادات الحيوية، لذلك من المهم تحديد نوع البكتيريا المُسببة للعدوى لاختيار المضاد الحيوي الفعال.
- شدّة العدوى: في بعض الحالات، قد تكون المضادات الحيوية الأقوى والأوسع طيفاً ضرورية لعلاج العدوى الشديدة.
- سجلّ المريض الطبي: يُؤخذ بعين الاعتبار أيّ حساسية من المضادات الحيوية أو أمراض أخرى قد تُؤثر في فعالية العلاج.
ما هي المضادات الحيوية الشائعة لعلاج التهاب الأذن الوسطى؟
كما ذكرنا في سطورنا هناك عدة أنواع يمكن استخدامها لعلاج حالة التهاب الأذن، ولكن يبرز على رأس القائمة الأموكسيسيلين (Amoxicillin)، وهو من أكثر المضادات الحيوية شيوعًا، ولكن يجب الحذر أن بعض أنواع البكتيريا مقاومة له.
ومن ضمن الخيارات الأخرى الشائعة السيبروفلوكساسين (Ciprofloxacin)لحالات التهابات الأذن البكتيرية.
ما يجب فعله عند استخدام المضاد الحيوي
تُعدّ المضادات الحيوية أسلحة فعّالة في مكافحة العدوى البكتيرية، ولكن استخدامها الخاطئ قد يُؤدي إلى مضاعفات خطيرة، لذا؛ إليك بعض التعليمات الذهبية لضمان رحلة علاج آمنة وفعالة:
- التزم بتعليمات الطبيب بدقة: تناول الجرعة الموصوفة في الوقت المحدد، أي لا تزيد أو تُنقِص الجرعة أو تتلاعب بوقت تناولها دون استشارة الطبيب.
- لا تتوقف عن تناول الدواء دون استشارة الطبيب: حتى وإن شعرت بتحسن في الأعراض بعد بضعة أيام، فإن إيقاف الدواء مُبكرًا قد يُؤدي إلى انتكاس العدوى وتطور مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية.
- أخبر الطبيب عن أي أدوية أخرى تتناولها: قد تتفاعل بعض الأدوية مع المضادات الحيوية وتُقلّل من فعاليتها أو تُسبب آثارًا جانبية خطيرة.
علاج التهاب الأذن الوسطى في المنزل
بالإضافة إلى الأدوية، هناك عدة علاجات منزلية يمكن أن توفر الراحة وتدعم عملية الشفاء، بما في ذلك:
- الكمادات: وضع الكمادات الدافئة والرطبة على الأذن المصابة يمكن أن يساعد على تقليل الألم والانزعاج. هذه التقنية البسيطة يمكن أن تكون مهدئة وفعالة في إدارة الأعراض في المنزل.
- الغرغرة بالماء المالح: لدى الأطفال الأكبر سنًا والبالغين، يمكن أن تساعد الغرغرة بالماء المالح الدافئ في تهدئة الحلق الملتهب وربما تسهيل خروج المفرزات من الأذن الملتهبة.
- الوضعية المستقيمة: الحفاظ على الرأس في وضعية مستقيمة يمكن أن يساعد على تصريف السوائل من الأذن الوسطى، مما قد يخفف من الضغط والانزعاج.
- تجنب التعرض للدخان: إذ رُبط التعرض للدخان الثانوي بزيادة خطر الإصابة بالتهاب الأذن الوسطى، لذلك من المهم تجنب التدخين والحد من التعرض لدخان السجائر أو حتى الملوثات البيئية.
الوقاية من التهاب الأذن
يمكن أن تساعد التطعيمات المنتظمة، النظافة الجيدة، والعلاج الفوري للعدوى التنفسية العلوية على تقليل خطر الإصابة بالتهاب الأذن الوسطى، بالإضافة إلى الابتعاد عن التعرض للدخان أو مسببات الحساسية.
التهاب الأذن الوسطى هو حالة شائعة وغالبًا ما تتكرر ويمكن أن تؤثر بشكل كبير في جودة حياة الفرد، ولكن مع تنوع الخيارات العلاجية المتاحة، من الأدوية والعلاجات المنزلية إلى التدخلات الجراحية، تُصبح رحلة الشفاء ممكنةً وفعّالة. فهمّ الأساليب المختلفة لعلاج التهاب الأذن الوسطى يُتيح لنا التعاون مع مقدمي الرعاية الصحية لاختيار الخطة العلاجية الأنسب لحالتنا، لتخفيف الأعراض، ومنع المضاعفات، والتمتع بصحة أذنٍ سليمة على المدى الطويل.
أيضا