أنا عمر، شاب في منتصف الثلاثينيات من عمري. لطالما كانت لي علاقة مضطربة مع الليل، حيث كان الأرق رفيقي الدائم لسنوات طويلة. لم أستطع النوم بشكل سليم، مما كان يُؤثر سلبًا في صحتي وعملي بشكل كبير. إيمانًا بمقولة “إسأل مجربًا ولا تسأل طبيبًا”، سعيتُ لأروي لكم تجربتي مع عيادة اضطرابات النوم عسى أن تُثري مساعيكم في تحسين جودة حياتكم ونومكم.
تجربتي مع عيادة اضطرابات النوم
منذ سنوات، واجهتُ صعوبة في النوم، وكنتُ أستيقظ مرارًا خلال الليل، مما جعلني أشعر بالتعب والإرهاق طوال اليوم. ازدادت المشكلة سوءًا عندما لاحظتُ انقطاعًا في تنفسي أثناء النوم، مما كان يُسبب لي الشعور بالذعر عند الاستيقاظ.
شعرتُ بالحيرة والارتباك، ولم أعرف إلى أين أذهب أو مِن مَن أطلب المساعدة.
مع مرور الوقت، ازدادت معاناتي، ولم أعد أتحمل الأرق وانقطاع التنفس. قررتُ أخيرًا البحث عن حلول، وبدأتُ رحلة إيجاد طبيب مختص.
بعد البحث والتدقيق على الانترنت وفي وسائل التواصل الاجتماعي إليكم جميع الأسئلة والأجوبة التي توصلت إليها خلال هذه الرحلة.
من هو الطبيب الذي يعالج اضطرابات النوم؟
اكتشفت خلال بحثي أن هنالك تخصص محدد لذلك! وكانت بالفعل معلومة غريبة بالنسبة لي، إذ أن أخصائيو النوم هم الأطباء الذين أكملوا تدريب الزمالة الإضافي في طب النوم واعتُمدوا من قبل الهيئات التنظيمية ذات الصلة.
لقد تدرب هؤلاء الأطباء في الطب الباطني، وعلم الأعصاب، والطب النفسي، وهم على دراية باضطرابات النوم المختلفة، مثل الأرق، وتوقف التنفس أثناء النوم، ومتلازمة تململ الساق، واضطرابات إيقاع الساعة البيولوجية وغيرها.
اكتشفت أيضاً أن هناك العديد من التخصصات الطبية التي قد تكون مفيدة في علاج اضطرابات النوم، ولكن الأطباء المتخصصين في طب النوم هم الأكثر خبرة في هذا المجال.
ومثلي الكثيرين بحثت حول الاختصاصات الأقرب لمخيلتي والتي لطالما سمعت أنها ستدعم رحلة علاجي، لأجد الإجابات الآتية.
يمكنك قراءة مقال: ما سبب اضطراب النوم عند طفلك وكيف يعالج؟
هل دكتور المخ والأعصاب يعالج اضطرابات النوم؟
نعم، بالفعل يمكن لأطباء المخ والأعصاب علاج اضطرابات النوم، خاصة عندما يتعلق الأمر بالحالات المرتبطة بالمشكلات العصبية، مثل انقطاع التنفس المركزي أثناء النوم، والخدار، والأرق، ومتلازمة تململ الساقين.
هل الطبيب النفسي يعالج اضطرابات النوم؟
إن الأطباء النفسيون يلعبون دورًا هامًا في علاج اضطرابات النوم، خاصة إذا كانت مرتبطة بحالة نفسية، مثل القلق أو الاكتئاب. في كثير من الأحيان، يتعاون الأطباء النفسيين وأخصائيي النوم لعلاج المشكلة المرضية بشكل شامل.
هل اضطرابات النوم مرض نفسي؟
في أثناء رحلتي مع اضطرابات النوم، واجهتُ العديد من الأشخاص الذين اعتبروا أن مشكلتي ما هي إلا مرض نفسي، ونصحوني بتناول المهدئات كحل سحري لمعاناتي.
لكنني لم أقتنع بهذا الرأي، فكيف يمكن لمهدئ أن يُعالج شخصًا لا يستطيع التنفس أثناء نومه!
لذا، قررتُ البحث عن إجابة حاسمة على هذا السؤال.
ووجدت أن العلاقة بين اضطرابات النوم والأمراض النفسية معقدة وثنائية الاتجاه، ففي حين أن من المحتمل أن تسبب اضطرابات النوم الأمراض النفسية، مثل الاكتئاب أو القلق وتؤدي إلى تفاقمها في كثير من الحالات، إلا أنهما ليسا نفس الشيء.
واختصاراً وجدت أنه لا يمكن أن نُسمي اضطرابات النوم مرضًا نفسياً في حد ذاته، بل هي حالة منفصلة يمكن أن تؤثر بشكل كبير في الصحة العقلية.
متى يجب الذهاب للطبيب اضطرابات النوم؟
بعد أن أصبحتُ على دراية تامة بطبيعة اضطرابات النوم واختصاص الطبيب الذي سيساعدني في رحلتي فكرت في سؤالي البدئي حول هل بالفعل أحتاج للطبيب أم أني يمكن علاج الأمر من خلال الأعشاب والابتعاد عن الكافيين؟
اكتشفتُ أنه يجب عليك مراجعة طبيب اضطرابات النوم إذا كنت تعاني من مشكلات النوم المستمرة التي تتداخل مع حياتك اليومية.
فيما يلي بعض العلامات التي تشير إلى أن الوقت قد حان لاستشارة الطبيب بالفعل:
- اضطرابات النوم المزمنة، التي قد تتمثل في:
- صعوبة في النوم أو البقاء نائماً لأكثر من ثلاث ليالٍ في الأسبوع على مدى ثلاثة أشهر.
- صعوبة في التركيز وتغير المزاج والتهيج بسبب الحرمان من النوم.
- أعراض اضطراب النوم، ومنها:
- الشخير أو صعوبة التنفس أو الشعور بالتعب في أثناء النهار على الرغم من النوم الكافي.
- صعوبة القيام بالأنشطة اليومية بسبب مشكلات النوم.
- الاستيقاظ بشكل متكرر في أثناء الليل أو وجود صعوبة في بدء النوم.
- مخاوف صحية أخرى، مثل:
- التعب المزمن، والصداع، أو الارتباك الذي يستمر على الرغم من الممارسات الصحية الجيدة للنوم.
- صعوبة في التحكم في العواطف، أو مشكلات في الذاكرة، أو استجابات بطيئة.
- الحاجة إلى أخذ قيلولة كل يوم تقريبًا أو الشعور بالنعاس المفرط أثناء النهار مما يتداخل مع أداء الأنشطة اليومي.
كم مدة علاج اضطرابات النوم؟
كان السؤال الذي يشغل بالي بعد تشخيص حالتي ومعرفة خطة علاجي هو: كم ستستمر رحلة علاجي؟
وبحثًا عن إجابة، وجدتُ أن مدة علاج اضطرابات النوم يمكن أن تختلف اعتمادًا على الحالة المحددة ونهج العلاج المستخدم.
في حالتي، وصف لي الطبيب خطة علاجية تضمنت العلاج السلوكي المعرفي (CBT) وجهاز ضغط مجرى الهواء الإيجابي المستمر (CPAP) الذي قلّل من انقطاع التنفس وحسّن من جودة نومي بشكل كبير خلال بضعة أسابيع.
ساعدني العلاج السلوكي المعرفي على تغيير أفكاري وسلوكاتي التي كانت تُساهم في الأرق، مما أدى إلى تحسين نوعية نومي بشكل كبير، بدأت أشعر بتأثير هذا العلاج بعد عدة أسابيع ولكن استمرت حالتي بالتحسن للوصول إلى استقرارها والنوم بشكل جيد لعدة ساعات بعد عدة أشهر.
ما توصلت له اليوم أن رحلتي مع اضطرابات النوم لا تزال مستمرة، لكنني أشعر بالأمل والتفاؤل أكثر من أي وقت مضى، أعلم أن العلاج قد يستغرق بعض الوقت، لكنني على استعداد للالتزام بخطة العلاج لتحقيق شفاء تام.
أقرأ أيضا: كيف تتخلص من اضطرابات النوم
ما هي تحاليل اضطرابات النوم؟
نظراً لأن والدي طبيب أمراض قلبية، كان لدي بعض المعلومات الطبية التي سمحت لي بمناقشة الطبيب حيال التحاليل التشخيصية التي سيلجأ لها.
أخبرني الطبيب أن اضطرابات النوم تتطلب نهجًا تشخيصيًا شاملًا؛ لتحديد نوع الاضطراب وشدته، مثل:
- تخطيط النوم (Polysomnography (PSG: هو اختبار شامل يسجل مختلف العوامل الفسيولوجية في أثناء النوم، مثل:
- تخطيط كهربية الدماغ (EEG).
- قياس حركة العينين بواسطة جهاز التخطيط الكهربائي (EOG).
- تخطيط كهربية العضل (EMG).
- مدى تدفق الهواء من الأنف والفم خلال النوم.
- قياس التأكسج النبضي.
- تخطيط كهربية القلب (ECG).
- اختبار كمون النوم المتعدد (MSLT): يُستخدم لتشخيص الخدار وتقييم النعاس المفرط في أثناء النهار لدى المرضى الذين يعانون من انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم الخفيف إلى المتوسط.
- اختبار الحفاظ على اليقظة (MWT): يُستخدم لتقييم القدرة على البقاء مستيقظًا أثناء النهار.
- جهاز أكتيغراف (Actigraph): طريقة غير جراحية تستخدم جهازًا يمكن ارتداؤه لمراقبة مستويات الحركة والنشاط على مدار فترة زمنية.
- مراقبة تورم القضيب الليلي (NPT): يُستخدم لتشخيص ضعف الانتصاب واضطرابات النوم، مثل انقطاع التنفس أثناء النوم.
بالإضافة إلى ما سبق ذكر لي الطبيب أن لتحاليل الدم أيضاً دوراً هاماً في التشخيص، وتشمل الآتي:
- الهيموجلوبين والهيماتوكريت: يُستخدم لتشخيص فقر الدم الذي يمكن أن يساهم في اضطرابات النوم، مثل حالات الأرق.
- غازات الدم الشرياني (ABG): يُستخدم لتشخيص اضطرابات الجهاز التنفسي والتمثيل الغذائي.
- اختبارات وظائف الغدة الدرقية: يُستخدم لتشخيص أي خلل في وظائف الغدة الدرقية التي يمكن أن تساهم في اضطرابات النوم.
- فحص السموم والكحول؛ للكشف عن تعاطي المخدرات أو الإدمان اللذان يؤثران في صحة وجودة النوم.
أجرى لي بالفعل الطبيب عدة فحوص مما ذكر لي، وهذا ما ساعده على تأكيد تشخيصه وبدء رحلة علاج صحيحة.
هل يشفى مريض اضطرابات النوم؟
بعد أن تعرفتُ على أنواع اضطرابات النوم وطرق علاجها، تساءلتُ: هل يمكن الشفاء من هذه الاضطرابات؟ اكتشفتُ أن الإجابة ليست بسيطة.
إذ يمكن التحكم في اضطرابات النوم وعلاجها، لكن العلاج الكامل يتطلب تغييرات جذرية في نمط الحياة والالتزام لمدة طويلة بالعلاج الموصوف والزيارات الدورية للطبيب. الأمر بالفعل يتعلق بمدى شدة الحالة وتأثيرها في الحياة.
مع اتباع خطة العلاج التي وصفها لي الطبيب، بدأتُ أشعر بتحسن ملحوظ بعد بضعة أسابيع، ولاحظت الآتي:
- قلّت حدة الأرق وانقطاع التنفس.
- أصبحتُ أنام بشكل أعمق وأكثر راحة.
- تحسّنت صحتي وجودة حياتي بشكل جذري.
هذه كانت تجربتي مع عيادة اضطرابات النوم، وددت أن أقول لك ألا تيأس، فمع التشخيص والعلاج المناسبين، يمكنك التحكم في هذه الاضطرابات وتحسين نوعية نومك وحياتك بشكل كبير.
تذكر أنك لست وحدك. هناك الملايين من الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النوم، وهناك العديد من الموارد المتاحة لمساعدتك على التحكم في هذه الاضطرابات وتحقيق نوم هانئ وصحة جيدة.
أيضا