تتصدر أمراض القلب التاجية قائمة الأمراض المزمنة الأكثر شيوعًا وفتكًا، حيث تُخيم بظلالها على صحة الملايين حول العالم. ففي عام 2021 وحده، حصدت هذه الأمراض أرواح 375 ألف شخصًا، لتُصبح السبب الأول للوفاة في العديد من الدول. لا تقتصر خطورتها على كبار السن فحسب، بل تُهدد حياة فئة عريضة من الشباب أيضًا، حيث يعاني حوالي 1 من كل 20 شخصًا بالغًا يبلغ عمره 20 عامًا أو أكثر من مرض الشريان التاجي، ولكن على الرغم من خطورتها، يوجد عدة أنواع أخرى لأمراض القلب وقد لا تكون هي أخطرها. لنتعرف سوياً.
أمراض القلب
تُعد أمراض القلب من الحالات المعقدة متعددة الجوانب التي تؤثر في ملايين الأفراد حول العالم، وعلى عكس الاعتقاد السائد، فإن أمراض القلب ليست مرضاً واحداً بل هي مجموعة واسعة من الاضطرابات التي يمكن أن تؤثر في هيكل ووظيفة وصحة القلب بشكل عام.
من التشوهات الخلقية إلى الحالات المكتسبة، تكثر أنواع أمراض القلب، ولكل منها تحديات فريدة تتطلب أساليب علاجية مخصصة.
من خلال فهم التفاصيل الدقيقة لهذه الحالات، يمكن للأفراد اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن صحة قلبهم وعلاج الحالة بفعالية للعيش بصحة وعافية.
أنواع أمراض القلب
تُصنَّف أمراض القلب إلى فئات رئيسية، أهمها:
أمراض الشرايين التاجية
تُعد أمراض الشرايين التاجية (Coronary artery disease (CAD النوع الأكثر شيوعاً من أمراض القلب، كما ذكرنا. يحدث هذا المرض عندما تضيق أو تسد الأوعية الدموية الرئيسية التي تمد القلب بالدم الغني بالأكسجين بسبب تراكم الترسبات الدهنية المسماة بالبلاك. مع تراكم البلاك، يقل تدفق الدم إلى القلب، مما يؤدي إلى انخفاض قدرته على الحصول على الأكسجين والعناصر الغذائية اللازمة.
يمكن أن تكون عواقب هذه الأمراض شديدة، بدءاً من آلام الصدر (الذبحة الصدرية) إلى النتيجة المدمرة للنوبة القلبية. عندما يصبح الانسداد شديداً بما يكفي لقطع إمداد الدم إلى القلب، يمكن أن يبدأ موت العضلة القلبية المتضررة، مما يؤدي إلى أضرار دائمة.
يُعد مرض الشريان التاجي حالة تتطور تدريجياً وبشكل سريع، وإذ تُركت بدون الإدارة والتدخل المناسبين، يمكن أن تؤدي في النهاية إلى فشل القلب، وهو سيناريو مهدد للحياة وتصبح فيه قدرة القلب على الضخ ضعيفة جداً.
أسباب مرض الشرايين التاجية
توجد عوامل معينة يمكن أن تزيد من قابلية الفرد لتطوير مرض الشريان التاجي. تشمل هذه العوامل:
- العمر: يزداد خطر الإصابة مع التقدم في العمر، وخاصةً للرجال فوق سن 45 والنساء فوق سن 55.
- التاريخ العائلي: الأفراد الذين لديهم قريب قد أصيب بـهذه الحالة المرضية من قبل يكونون أكثر عرضة للإصابة.
- ارتفاع مستويات الكوليسترول في الدم: يمكن أن تسهم مستويات الكوليسترول الضار (LDL) المرتفعة في تراكم البلاك في الشرايين.
- ارتفاع ضغط الدم: يضع ارتفاع ضغط الدم غير المنضبط ضغوطاً إضافية على القلب والأوعية الدموية، مما يزيد من خطر الإصابة.
- السكري: الأفراد الذين يعانون من السكري، خاصةً إذا كان غير مسيطر عليه بشكل جيد، يكونون أكثر عرضة لتطوير مرض الشريان التاجي.
- السمنة وقلة النشاط البدني: يمكن أن يزيد الوزن الزائد ونمط الحياة الخامل من تفاقم عوامل الخطر الأخرى وزيادة خطر الإصابة.
- التدخين: يزيد استخدام منتجات التبغ، بما في ذلك السجائر والسجائر الإلكترونية، من خطر تطوير مرض الشريان التاجي بشكل كبير.
من خلال فهم هذه العوامل واتخاذ خطوات استباقية لإدارتها، يمكن للأفراد تقليل فرصهم في تطوير مرض الشريان التاجي ومضاعفاته بشكل كبير.
عيوب القلب الخلقية
العيوب الخلقية للقلب هي تشوهات هيكلية تتطور في القلب أثناء تطور الجنين. يمكن أن تتراوح هذه العيوب من مشكلات طفيفة نسبياً، مثل ثقب صغير في الجدار الذي يفصل بين غرف القلب، إلى مشكلات أكثر تعقيدًا، مثل غياب صمام القلب أو وجود تواصل غير طبيعي بين الأوعية الدموية الرئيسية للقلب.
يمكن أن يكون للعيوب الخلقية للقلب تأثير كبير في صحة الفرد وغالبًا ما تظهر في أعراض، مثل:
- الزرقة (تغير لون الجلد إلى الأزرق).
- صعوبة التنفس.
- ضعف القدرة على التحمل البدني.
في الحالات الشديدة، يمكن أن تؤدي هذه العيوب إلى مضاعفات مهددة للحياة إذا لم تُعالج.
يمكن علاج العديد من العيوب الخلقية للقلب بنجاح من خلال التدخلات الجراحية أو الإجراءات الأقل توغلاً، وغالبًا ما يُجرى ذلك في السنوات الأولى من الحياة، ومع ذلك، قد يحتاج بعض الأفراد إلى مراقبة وإدارة مدى الحياة للحفاظ على صحتهم القلبية.
تعرف على: أسباب نغزات القلب وما علاجها
عدم انتظام ضربات القلب
اضطرابات النظم القلبية هي حالات يحدث فيها اضطراب في النظام الكهربائي للقلب، مما يسبب ضربات القلب بسرعة كبيرة، أو ببطء شديد، أو بنمط غير منتظم.
يمكن أن يكون لهذه النظم القلبية غير الطبيعية تأثير كبير في قدرة القلب على ضخ الدم بشكل فعال في جميع أنحاء الجسم، مما يؤدي إلى مجموعة من الأعراض والمضاعفات الخطيرة المحتملة.
توجد عدة أنواع مختلفة من اضطرابات النظم القلبية، ولكل منها خصائصه وأسبابه الكامنة:
- تسرع القلب: ضربات قلب سريعة. يَنبُض القلب أكثر من 100 نبضة في الدقيقة.
- بطء القلب: ضربات قلب بطيئة، إذ ينبض القلب أقل من 60 مرة في الدقيقة.
- الرجفان الأذيني: معدل ضربات قلب غير منتظم وغالبًا ما يكون سريعاً ناتجاً عن إشارات كهربائية فوضوية في الأذينين -الغرف العلوية للقلب-.
- تسرع القلب البطيني: حالة قد تهدد الحياة حيث ينقبض البطينان -الغرف السفلية للقلب- بسرعة كبيرة.
- الانقباضات البطينية المبكرة: ضربات قلب إضافية وغير طبيعية تنشأ في البطينين.
يمكن أن تتسبب اضطرابات النظم القلبية عن مجموعة متنوعة من العوامل، بما في ذلك الحالات القلبية الأساسية، أو تناول بعض الأدوية، وحتى عادات نمط الحياة، مثل الاستهلاك المفرط للكافيين أو التوتر.
التشخيص الفوري والعلاج المناسب أساسيان لإدارة اضطرابات النظم القلبية وتقليل خطر المضاعفات، مثل السكتة الدماغية، وفشل القلب، والتوقف القلبي المفاجئ.
أمراض صمامات القلب
يحتوي القلب على أربع صمامات تُنظم تدفق الدم عبر غرفه وإلى باقي الجسم. عندما تتعرض هذه الصمامات للتلف أو العطل، يمكن أن تؤدي إلى مجموعة من الاضطرابات، كل منها له أعراضه ومضاعفاته الخاصة.
يمكن أن تكون أمراض صمامات القلب ناجمة عن مجموعة من الأسباب، بما في ذلك:
- التشوهات الخلقية.
- الحمى الروماتيزمية.
- عملية التقدم في السن الطبيعية.
قد تشمل الأعراض ضيق التنفس، وآلام الصدر، والتعب، وتورم الساقين أو البطن. التشخيص والعلاج الفوريان، مثل الأدوية أو الإجراءات الجراحية لإصلاح أو استبدال الصمام المتضرر، ضروريان لمنع المضاعفات الخطيرة والحفاظ على وظيفة القلب الصحية.
قصور القلب
قصور القلب هو حالة مزمنة يفشل فيها القلب في ضخ الدم بفعالية كافية لتلبية احتياجات الجسم من الأكسجين والعناصر الغذائية. قد ينجم قصور القلب عن مجموعة من الأسباب، بما في ذلك:
- مرض الشريان التاجي.
- ارتفاع ضغط الدم المزمن وغير المنضبط.
- أمراض صمامات القلب.
وحالات أخرى تؤثر في قوة العضلة القلبية أو قدرتها على الانبساط والاسترخاء بشكل صحيح.
يمكن أن تشمل أعراض قصور القلب ضيق التنفس، التعب، تورم الساقين أو البطن، وزيادة الوزن السريعة بسبب احتباس السوائل. يتطلب قصور القلب إدارة دقيقة وعلاجاً متواصلاً، بما في ذلك التعديلات في نمط الحياة، والأدوية، والإجراءات الطبية لتحسين وظيفة القلب وجودة الحياة بشكل عام.
ما أخطر أنواع أمراض القلب؟
يصعب تحديد نوع واحد من أمراض القلب على أنه “الأخطر” بشكل قاطع، إذ تختلف خطورة كل نوع اعتمادًا على عوامل متعددة، مثل صحة المريض الفردية وعمره وتاريخه الطبي ونمط حياته.
ومع ذلك، يمكن اعتبار بعض أمراض القلب أكثر خطورة بشكل عام من غيرها نظرًا لمعدلات الوفيات المرتفعة المرتبطة بها أو إمكانية حدوث مضاعفات مهددة للحياة.
تشمل بعض أخطر المضاعفات الناتجة عن أمراض القلب:
- السكتة القلبية: تحدث عندما يتوقف القلب فجأة عن النبض، غالبًا بسبب عدم انتظام ضربات القلب. تُعدّ السكتة القلبية حالة طبية طارئة تتطلب عناية طبية فورية، وإلا قد تكون قاتلة.
- النوبة القلبية (احتشاء عضلة القلب): تحدث عندما ينقطع تدفق الدم إلى جزء من القلب، مما يؤدي إلى تلف أو موت أنسجة عضلة القلب. غالبًا ما تكون النوبات القلبية ناتجة عن انسداد أحد الشرايين التاجية بجلطة دموية.
- تمدد الأبهر: حالة خطيرة تتميز بضعف وانتفاخ الشريان الأورطي، وهو الشريان الرئيسي الذي ينقل الدم من القلب إلى بقية الجسم. إذا تمزق الأبهر عند تمدده، يمكن أن يسبب نزيفًا داخليًا حادًا يهدد الحياة.
- قصور القلب: حالة تفقد فيها عضلة القلب قدرتها على ضخ الدم بشكل فعال. يمكن أن يؤدي قصور القلب إلى تراكم السوائل في الرئتين والتعب وضيق التنفس وغيرها من الأعراض الخطيرة.
أمراض القلب آفة العصر الحديث، لكنها ليست قدرًا محتومًا. مع فهمنا لأنواعها وأعراضها وعوامل الخطر المُسببة لها، نستطيع اتخاذ خطوات فعّالة للوقاية منها أو التعايش معها بشكل أفضل.
قد يهمك أيضا: أعراض أمراض القلب
في هذا المقال، قمنا برحلة عبر عالم أمراض القلب، وتعرفنا إلى أنواعها وأخطرها، وطرق الوقاية منها والعلاج. نأمل أن تكون هذه المعلومات قد أفادتكم، وننصحكم دائمًا بالاهتمام بصحتكم القلبية، واستشارة الطبيب في حال وجود أي استفسارات أو مخاوف.
أيضا