هل تعلم أن 5 من كل 6 أطفال يواجهون حالة من التهاب الأذن قبل إتمام الثلاث سنوات من عمرهم؟
إن التهاب الأذن عند الأطفال هو حالة شائعة ومزعجة وتترك وراءها العديد من الآباء والأمهات في حيرة من أمرهم، باحثين عن إجابات مُرضية لأسئلتهم المُلحة. في هذا المقال، سنُرافقكم في رحلة عبر الأذن لنقدم لكم الحلول التي من خلالها تستطيعون رعاية طفلكم بشكل مُثالي.
أسباب التهاب الأذن عند الأطفال
التهابات الأذن، المعروفة طبيًا باسم التهاب الأذن الوسطى (Otitis media)، تحدث عندما تلتهب المساحة الموجودة خلف طبلة الأذن، وتصاب بالعدوى. غالبًا ما يكون هذا الالتهاب ناتجًا عن تراكم السوائل، والذي يمكن أن يكون بسبب مجموعة متنوعة من العوامل، أبرزها نزلات البرد، والحساسية.
الأطفال معرضون بشكل خاص للإصابة بالتهابات الأذن لعدة أسباب، وهي:
- أولاً، جهازهم المناعي لا يزال في مرحلة التطور، مما يجعل من الصعب على أجسامهم محاربة الجراثيم التي تسبب هذه الالتهابات.
- ثانياً، بنية قنوات استاكيوس، التي تربط الأذن الوسطى بالجزء الخلفي من الحلق، تكون أصغر وأضيق وأكثر أفقية عند الأطفال، مما يسهل على السوائل أن تُحتجز وتتسبب في الالتهابات.
- ثالثاً، الزائدة الأنفية أو لحمية الأنف: هي هياكل شبيهة بالغدد تقع خلف الأنف. يمكن أن تتضخم اللحميات لدى بعض الأطفال، ممّا يُعيق تصريف السوائل من قناة استاكيوس.
كما أن هناك بعض العوامل يمكن أن تزيد من خطر إصابة الطفل بالتهابات الأذن، وتشمل:
- العمر: إذ أن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر وسنتين هم الأكثر عرضة للإصابة بسبب تطور أجهزتهم المناعية وحجم وشكل قناة استاكيوس لديهم.
- رعاية الأطفال الجماعية، يمكن أن يتعرض الأطفال في البيئات الجماعية لمزيد من الالتهابات والعدوى التي يمكن أن تؤدي إلى التهابات الأذن.
- تغذية الرضع: هناك علاقة بين إطعام الرضع من الزجاجة، وخاصة أثناء الاستلقاء، وزيادة خطر الإصابة بعدوى الأذن، وذلك بالمقارنةً بالأطفال الذين يرضعون رضاعة طبيعية.
- العوامل الموسمية: تعد التهابات الأذن أكثر شيوعًا في فصلي الخريف والشتاء. قد يكون الأطفال الذين يعانون من الحساسية الموسمية أكثر عرضة للخطر عندما تكون أعداد حبوب اللقاح مرتفعة.
- التعرض للتدخين السلبي أو دخان التبغ يزيد من خطر إصابة الطفل بالتهابات الأذن أيضاً.
- الحنك المشقوق: قد تؤدي الاختلافات في بنية العظام والعضلات إلى صعوبة تصريف قناة استاكيوس عند الأطفال المصابين بالحنك المشقوق.
كما يرتبط أيضًا صغر سن الأم، وجنس الذكر، وانخفاض الوزن عند الولادة، وقلة الرضاعة الطبيعية، بزيادة المخاطر.
أعراض التهاب الأذن عند الأطفال
تشمل الأعراض الأكثر شيوعًا لالتهاب الأذن عند الأطفال:
- ألم أو انزعاج في الأذن.
- شد الطفل للأذن المصابة.
- تهيج الطفل وارتباكه.
- صعوبة في النوم.
- الحمى، خاصة عند الرضع والأطفال الصغار.
- خروج سوائل من الأذن.
- مشكلات في التوازن أو المشي.
- صعوبة في السمع أو الاستجابة للأصوات الهادئة.
من المهم ملاحظة أن ليس كل الأطفال يظهرون نفس الأعراض، ويمكن أن تختلف شدة العدوى. قد لا يشكو بعض الأطفال من الألم في الأذن، مما يجعل من الضروري للوالدين أن يكونوا يقظين لأي تغييرات في سلوك أو تصرفات الطفل.
كيف أعرف التهاب الأذن الوسطى عند الأطفال؟
بالإضافة إلى العلامات السابقة، والكشف السريري ومراقبة الطفل، يلجأ الطبيب عند تشخيص التهاب الأذن إلى أداة متخصصة تسمى منظار الأذن لفحص طبلة الأذن، وتُشير طبلة الأذن الحمراء أو المتورمة إلى وجود عدوى.
علاج التهاب الأذن عند الأطفال
يمكن أن تختلف طرق علاج التهابات الأذن عند الأطفال اعتمادًا على شدة الحالة وعمر الطفل، إذ أن في حالات التهابات الأذن البسيطة أو غير المعقدة قد يوصي مقدم الرعاية الصحية بنهج الانتظار والمراقبة، خاصة للأطفال الذين تزيد أعمارهم عن سنتين. يشمل هذا النهج مراقبة أعراض الطفل وتقديم أدوية مسكنة للألم، مثل الأسيتامينوفين أو الإيبوبروفين، لإدارة أي انزعاج.
أما في الحالات التي تكون فيها العدوى أكثر شدة، أو إذا كان عمر الطفل أقل من 6 أشهر، قد يصف مقدم الرعاية الصحية دورة من المضادات الحيوية.
تشفى معظم التهابات الأذن من تلقاء نفسها خلال يومين إلى ثلاث أيام، ولكن يمكن وصف المضادات الحيوية لعلاج الالتهابات الشديدة أو المتكررة في بعض الحالات.
أقرأ أيضا: تأخر النطق عند الأطفال
علاج التهابات الأذن المتكررة أو المزمنة
قد يعاني بعض الأطفال من التهابات الأذن المتكررة أو المزمنة، مع حدوث عدة نوبات خلال فترة قصيرة. في هذه الحالات، قد يوصي الطبيب بعلاجات إضافية، مثل:
- إدخال أنابيب تهوية طبلة الأذن: توضع هذه الأنابيب الصغيرة جراحيًا في طبلة الأذن لتحسين التصريف والتهوية، مما يقلل من خطر الإصابة بالتهابات مستقبلية.
- استئصال اللحمية: يمكن أن يساعد إزالة اللحمية على منع انتشار العدوى إلى قنوات استاكيوس والأذن الوسطى.
مضاعفات التهاب الأذن عند الأطفال
على الرغم من أن التهابات الأذن شائعة جدًا، إلا أنها عادة ما تُعالج دون مشكلات طويلة الأمد، ولكن هناك بعض المضاعفات المحتملة التي يجب أن يكون الوالدين على دراية بها في حالات، مثل:
- انتشار العدوى: إذا انتشرت العدوى إلى عظم الخشاء خلف الأذن، ممّا يُؤدّي إلى تلف العظام وتكوّن كيسات مليئة بالقيح.
- التأثير في الدماغ: في حالات نادرة، قد تنتشر العدوى إلى أنسجة أخرى في الجمجمة، مُسبّبةً التهاب السحايا، وهو التهاب الأغشية المحيطة بالدماغ.
- ثقب طبلة الأذن: قد تُؤدّي العدوى إلى تمزق في طبلة الأذن، ولا يلتئم هذا التمزق في بعض الأحيان بشكلٍ صحيح، ممّا يتطلب تدخلًا جراحيًا.
- فقدان السمع: قد تُؤدّي عدوى الأذن المتكررة إلى نوبات متكررة من فقدان السمع، ممّا قد يُحدِث تأخرًا في الكلام والنمو عند الرضع والأطفال الصغار.
- التهاب الأذن الداخلية: يُعدّ التهاب الأذن الداخلية أو ما يسمى التهاب المتاهة أو التهاب العصب الدهليزي من الحالات الخطيرة، إذ أنه يُسبّب الدوار الشديد ومشكلات في التوازن، وإذا لم يُعالَج قد يُؤدّي إلى فقدان السمع الجزئي أو الكلي الدائم.
متى يكون التهاب الأذن خطير؟
بشكل عام، تُعد التهابات الأذن خطيرة إذا:
- استمرت لأكثر من يوم عند طفل أقل من 6 أشهر.
- سبّبت ألمًا شديدًا.
- ترافقت مع ارتفاعًا في درجة الحرارة.
- تسبّبت في خروج سائل أو صديد أو دم من الأذن.
- لم تتحسن الأعراض خلال 3 أيام من بدء العلاج.
في أي من هذه الحالات، من المهم استشارة الطبيب على الفور للحصول على تشخيص دقيق وعلاج مناسب لمنع حدوث مضاعفات.
الوقاية من التهاب الأذن عند الأطفال
على الرغم من أنه ليس من الممكن القضاء تمامًا على خطر التهابات الأذن عند الأطفال، إلا أن هناك عدة خطوات يمكن للوالدين اتخاذها لتقليل احتمالية إصابة طفلهم بهذه الأمراض الشائعة:
- التأكد من تحديث اللقاحات.
- تعزيز الرضاعة الطبيعية.
- تقليل التعرض للدخان السلبي.
- تجنب التغذية بالزجاجة في أثناء الاستلقاء.
- تشجيع النظافة الجيدة للأيدي.
- إدارة الحساسية والتهابات الجيوب الأنفية.
لقد وصلنا إلى نهاية الكلام حول حالة التهاب الأذن عند الأطفال. نأمل أن تكون هذه المعلومات قد ساعدتكم على فهم هذه الحالة بشكل أفضل، وزودتكم بالدعم اللازم لرعاية الطفل بشكل مُثالي.
قد يهمك: أسباب لتأخر النطق عند الأطفال
نُؤكّد على أهمية التواصل مع الطبيب في حال ظهور أي أعراض تدلّ على إصابة الطفل بعدوى الأذن،
خاصةً إذا كانت الأعراض شديدة أو مستمرة. معًا، نستطيع حماية أطفالنا.
أطباء الأطفال
أيضا