شهد العالم تفشيًا مقلقًا لأمراض القلب والأوعية الدموية، حيث تضاعف معدل انتشارها على مدار العقود الثلاثة الماضية. ففي عام 1990، كان هناك 271 مليون شخص يعاني من هذه الأمراض،
بينما ارتفع هذا الرقم إلى 523 مليونًا في عام 2019، مما يجعلها عبئًا صحيًا هائلاً على الأفراد والمجتمعات على حدٍ سواء. إنّ هذه الإحصائيات المُقلقة تُشير إلى ضرورة معرفة أعراض أمراض القلب عن كثب؛ لاتخاذ خطوات جادة لمكافحة مضاعفات كل منها على جميع المستويات. فمن خلال الوقاية المبكرة والتدخلات العلاجية الفعالة، يمكننا الحدّ من انتشار هذه الأمراض وإنقاذ ملايين الأرواح.
أعراض أمراض القلب
أمراض القلب هي مجموعة واسعة من الحالات التي تؤثر في القلب والأوعية الدموية. تُعدّ هذه الأمراض من أكثر أسباب الوفاة شيوعًا في جميع أنحاء العالم، ولكن يمكن الوقاية منها وعلاجها بشكل فعال في كثير من الأحيان.
تُصيب هذه الأمراض الرجال والنساء بشكل مختلف، فبينما تُعدّ أكثر شيوعًا لدى الرجال بين 30 و60 عامًا، إلا أنها تُهدد صحة النساء أيضًا، خاصة بعد انقطاع الطمث، ولا يمكن أن نتجاهل معدلات إصابة الشباب بها أيضاً.
يُعدّ هذا التفشي بمثابة نداء عاجل؛ لاتخاذ خطوات جادة لمكافحة أمراض القلب والأوعية الدموية على جميع المستويات، ويبدأ الأمر بفهم الأعراض الأساسية لاكتشاف هذه الأمراض.
تختلف أعراض أمراض القلب اعتمادًا على نوع المشكلة المحددة، ولكن تشمل بعض الأعراض الأكثر شيوعًا ما يلي:
- ألم أو انزعاج في الصدر: قد يشعر المريض بألم يُشبه الضغط أو الضيق في الصدر. يمكن الخلط بينه وبين عسر الهضم أو حرقة المعدة أو هجمات القولون العصبي، وقد ينتشر إلى الكتفين أو الذراعين أو الرقبة أو الحلق أو الفك أو الظهر.
- ضيق في التنفس: قد يكون هذا الشعور صعبًا ومزعجًا، وخاصة عند ممارسة الرياضة أو بذل أي مجهود.
- الخفقان: هو شعور بعدم انتظام ضربات القلب، قد يشعر المريض بأن قلبه ينبض بشكل أسرع من المعتاد، حتى أثناء الراحة.
- الضعف والدوار: قد يشعر المريض بحالة من الوهن والضعف أو عدم التوازن، وخاصة عند بذل أي مجهود.
- الغثيان: قد يشعر بالغثيان أو القيء، وترافق ذلك مع أعراض أخرى، مثل ألم الصدر أو ضيق التنفس.
- التعرق بشكل مفاجئ وغزير، حتى في الطقس البارد.
- تورم في الساقين أو الكاحلين أو القدمين.
من المهم طلب العناية الطبية الفورية إذا كنت تعاني من أي من أعراض أمراض القلب هذه، وخاصة ألم الصدر، أو ضيق التنفس، أو علامات الأزمة القلبية، إذ يعد التشخيص والعلاج المبكر أمرًا بالغ الأهمية لإدارة المرض ومنع مضاعفاته الخطيرة.
متى يكون مريض القلب في خطر؟
يُعدّ تحديد متى يكون مريض القلب في خطر أكبر أمرًا بالغ الأهمية؛ لضمان تلقي العناية الطبية المناسبة في الوقت المناسب.
ففي حالات معينة يكون مريض القلب أكثر عرضة للإصابة بمضاعفات خطيرة، وتشمل هذه الحالات:
- ارتفاع ضغط الدم: يُعدّ ارتفاع ضغط الدم من أهم عوامل الخطر لأمراض القلب، ويمكن أن يؤدي إلى تلف الأوعية الدموية والقلب.
- ارتفاع مستويات الكوليسترول: تراكم الكوليسترول الضار في الشرايين يُعيق تدفق الدم ويزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.
- مرض السكري: يُسبب مرض السكري تلفًا للأعصاب والأوعية الدموية، مما يُزيد من خطر الإصابة بالأمراض القلبية.
- السمنة: تُعدّ السمنة عامل خطر رئيسي لأمراض القلب، وخاصةً عندما تكون مصحوبة بارتفاع ضغط الدم أو الكوليسترول أو السكري.
- التدخين: يُلحق التدخين الضرر بالأوعية الدموية ويُزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والنوبات القلبية والسكتات الدماغية.
- الخمول البدني: يُعدّ قلة النشاط البدني عامل خطر للمشكلات القلبية، ويمكن أن يؤدي إلى زيادة الوزن وارتفاع ضغط الدم ومستويات الكوليسترول.
- النظام الغذائي غير الصحي: النظام الغذائي الغني بالدهون المشبعة والكوليسترول والصوديوم يُعدّ ضارًا بصحة القلب ويُزيد من خطر الإصابة أيضاً.
- التوتر الزائد أو الغضب: يمكن أن يؤدي التوتر المزمن إلى ارتفاع ضغط الدم ومعدل ضربات القلب، مما يُزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب.
ما هي عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب؟
بالإضافة إلى ما ذكرنا، تشمل العوامل الأخرى التي تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ما يلي:
- العمر: مع التقدم في السن، تزداد احتمالية الإصابة بأمراض القلب وتلف الأوعية الدموية.
- التاريخ العائلي: وجود أفراد من العائلة مصابين بأمراض القلب في سن مبكرة يُزيد من خطر الإصابة بها.
- الجنس: الرجال أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب في سن مبكرة من النساء، ولكن بعد انقطاع الطمث تزداد مخاطر الإصابة لدى النساء.
- أعراض أمراض القلب: الشعور بألم في الصدر، وضيق في التنفس، وعدم انتظام ضربات القلب، أو علامات نوبة قلبية هي مؤشرات إلى خطر حدوث مضاعفات.
- النوبات القلبية السابقة: بعد نوبة قلبية، يكون الشخص أكثر عرضة لمضاعفات وأحداث قلبية أخرى.
- الصحة العقلية: التوتر الشديد، والاكتئاب، واضطراب الصحة النفسية يمكن أن يؤثر سلبًا في صحة القلب ويزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب.
كلما زادت عوامل الخطر لدى المريض ازداد خطر الإصابة بأمراض القلب أو تفاقمها. لذلك، من المهم إدارة هذه العوامل بشكل استباقي من خلال اتباع نمط حياة صحي والتواصل مع الطبيب بانتظام لمتابعة الحالة والحصول على العلاج المناسب.
الوقاية من أمراض القلب
الوقاية من أمراض القلب والإدارة الفعالة للحالات القائمة أمران حيويان للحفاظ على صحة القلب وتقليل خطر المضاعفات. يمكن أن تساهم بعض الخطوات والتدابير في تحسين الصحة القلبية بشكل كبير، بما في ذلك:
- تبني نظام غذائي صحي للقلب: من خلال تناول نظام غذائي غني بالفواكه، الخضروات، الحبوب الكاملة، والبروتينات الخالية من الدهون، وتجنب الاطعمة الغنية بالدهون المشبعة والدهون المتحولة، السكر المضاف، والصوديوم.
- ممارسة النشاط البدني بانتظام: يجب ممارسة التمارين الرياضية المعتدلة لمدة 150 دقيقة على الأقل في الأسبوع أو 75 دقيقة من التمارين المكثفة.
- الإقلاع عن التدخين: يمكن أن يؤدي تجنب منتجات التبغ إلى تحسين صحة القلب بشكل كبير وتقليل خطر الإصابة بمرض الشريان التاجي والظروف القلبية الأخرى.
- إدارة التوتر: ممارسة تقنيات إدارة التوتر، مثل التأمل، اليوغا، أو التنفس العميق، للحفاظ على مستويات الإجهاد منخفضة.
- الحفاظ على وزن صحي: يمكن أن يساعد الحفاظ على وزن صحي من خلال النظام الغذائي وممارسة التمارين الرياضية في تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب.
- مراقبة وإدارة الظروف الصحية الأساسية: السيطرة الجيدة على الحالات الصحية المزمنة، مثل ارتفاع ضغط الدم، والسكري، وارتفاع مستويات الكوليسترول.
من خلال اتخاذ هذه الخطوات الاستباقية والتعاون مع محترفي الرعاية الصحية، يمكن للأفراد الحفاظ على صحة قلوبهم والتمتع بحياة صحية ونشطة.
يُتربّص مرض القلب بنا كعدو خفي، يُهدد حياتنا ويُعيق طموحاتنا دون سابق إنذار. لكنّنا لسنا عاجزين أمام هذا الخطر، بل نملك سلاحًا قويًا لمواجهته: المعرفة.
فمع التوعية بأعراض أمراض القلب وعوامل الخطر التي تُسبّبها يمكننا اكتشاف المرض في مراحله المبكرة، حيث تكون فرص العلاج أفضل، كما يمكّننا ذلك من اتخاذ خطوات استباقية لمنع حدوثه، من خلال التحكم في عوامل الخطر، وبدء رحلة علاج فعالة في وقتها الصحيح.
أيضا