صلة الوصل بين الأم وجنينها المنتظر، المشيمة. يتشكل هذا العضو الرائع ليصبح بمثابة الأرض الخصبة التي ينمو فيها الجنين ويتطور.
لنتعرف إلى وظيفة وتشريح المشيمة، وأهميتها، بالإضافة إلى مناقشة حالة مرضية شائعة تتعلق بها.
ما هي المشيمة؟
المشيمة هي عضو مؤقت يتطور خلال فترة الحمل. يرتبط بجدار الرحم ويعمل كخط الحياة للجنين النامي.
تعمل المشيمة كجسر بين الأم والجنين، وتلعب دورًا حاسمًا في نمو الجنين، إذ تزوده بالأكسجين والمواد المغذية وتوصلها لأعضاء جسمه وخاصة الدماغ.
كما أنها تلعب دورًا في عملية التمثيل الغذائي للأم واحتياطيات الطاقة لدعم نمو الجنين السليم.
تُخرج المشيمة بعد وقت قصير من ولادة الطفل، عادة في غضون خمسة إلى ثلاثين دقيقة، في عملية تعرف باسم ما بعد الولادة أو المرحلة الثالثة من المخاض.
قد تنشأ مضاعفات تتعلق بالمشيمة، مثل المشيمة الملتصقة، والمشيمة المنفصلة، وغيرها التي يمكن أن تشكل خطورة على كل من الأم والطفل إن لم تُعالج.
شكل المشيمة الطبيعي وتطورها
يتمثل الشكل الطبيعي للمشيمة في شكل مستدير، إذ يدخل الحبل السري تقريبًا في المنتصف، ومع ذلك، قد يختلف شكل المشيمة من مستديراً إلى بيضاوي أو ثنائي أو متعدد الفصوص، أو قد يكون غير منتظم الشكل.
تتراوح أبعاد المشيمة العادية حيث يبلغ قطرها الاعتيادي حوالي 22 سم، وسمكها يتراوح بين 2.0 إلى 2.5 سم، بينما يكون وزنها حوالي 470 جرامًا.
تبدأ المشيمة في التطور بعد فترة قصيرة من الحمل، حوالي سبعة إلى عشرة أيام بعد التخصيب.
تنشأ من الطبقة الخارجية للبويضة المخصبة التي تسمى الأرومة المغذية (Trophoblast)، ومع تقدم الحمل، تتكاثر هذه الخلايا؛ لتشكيل المشيمة.
في البداية، تقع المشيمة في الجزء السفلي من الرحم، ومع توسع ونمو الرحم، تتحرك المشيمة تدريجيًا للأعلى.
بحلول الثلث الثالث من الحمل أي من الأسبوع 28 إلى الأسبوع 40، يجب أن تكون المشيمة قرب أعلى الرحم، مما يوفر مساحة كافية لخروج الطفل في أثناء الولادة.
ما وظيفة المشيمة؟
تؤدي المشيمة وظائف حاسمة في أثناء الحمل. فيما يلي أدوارها الرئيسية:
- توفير العناصر الغذائية والأكسجين: من خلال الحبل السري، تقدم المشيمة العناصر الغذائية والأكسجين الضروريين من دم الأم إلى الطفل، وهذا يضمن النمو والتطور السليم.
- إزالة المخلفات: تقوم المشيمة أيضًا بإزالة مخلفات، مثل ثاني أكسيد الكربون، من دم الطفل، إذ تعمل على نقل المخلفات مرة أخرى إلى دورة الدموية للأم؛ للتخلص منها.
- إنتاج الهرمونات: تنتج المشيمة هرمونات ضرورية للحفاظ على حمل صحي. تشمل هذه الهرمونات الإستروجين والبروجستيرون واللاكتوجين وهرمون المشيمة البشري (HCG).
- الحماية المناعية: تنقل المشيمة الأجسام المضادة من الأم إلى الطفل قبل الولادة؛ لتعزيز مناعته خلال الأشهر الأولى من الحياة.
في النهاية، تعمل المشيمة بمثابة شريان الحياة بين الأم والطفل، مما يضمن سلامة الجنين ونموه حتى الولادة.
ما فائدة المشيمة بعد الولادة؟
انتشر منذ القِدَم لدى الكثير من الناس أن تناول الأم للمشيمة بعد الولادة بعد معالجتها ووضعها في كبسولة قد يقدم فوائد، مثل زيادة الطاقة، وتحسين الحالة المزاجية، وزيادة حليب الثدي، وربما التقليل من خطر الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة والأرق.
ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن هذه الفوائد المفترضة لم تُثبت علمياً، بل تُشير بعض الأبحاث إلى المخاطر المحتملة المرتبطة بتناول المشيمة، مثل انتشار العدوى بالبكتيريا أو الفيروسات في دم الأم.
نزول المشيمة
على الرغم من أن المشيمة تتحرك عادة إلى مكان أعلى في الرحم مع تقدم الحمل، إلا أنه في بعض الحالات، قد تظل منخفضة وتغطي جزءًا أو كل فتحة عنق الرحم، وتُعرف هذه الحالة باسم نزول المشيمة.
أسباب نزول المشيمة
على الرغم من أن السبب الدقيق لنزول المشيمة غير معروف، ومع ذلك، قد تزيد بعض العوامل من خطر تطور هذه الحالة، وهي تشمل:
- رحم ذي شكل غير طبيعي.
- حالات الحمل السابقة أو حالات الحمل المتعددة، على سبيل المثال، توأم أو ثلاثة توائم.
- تشوهات أو تندب في بطانة الرحم.
- التعرض لجراحات سابقة، مثل الولادة القيصرية.
- التلقيح الصناعي.
- عمر الأم أكبر من 35 عامًا.
- تدخين الأم أو تعاطي الكوكايين في أثناء الحمل.
أعراض نزول المشيمة
يتمثل العرض الرئيسي لنزول المشيمة في النزيف المهبلي المفاجئ، الذي يحدث عادة في النصف الثاني من الحمل.
قد يكون النزيف أحمر فاتح اللون ويتراوح بين الخفيف إلى التدفق الشديد، ويشعر بعض النساء أيضًا بآلام خفيفة أو تقلصات في البطن أو الظهر.
من الضروري أن تطلبي الرعاية الطبية فورًا إذا شعرتِ بنزيف مهبلي في أثناء الحمل، لأن نزول المشيمة قد يكون له مضاعفات خطيرة على الأم والطفل.
متى يكون نزول المشيمه طبيعي؟
يُعد نزول المشيمة طبيعياً في بداية الحمل عندما تكون المشيمة منخفضة في الرحم، وهو ما يتغير تلقائياً مع تطور الحمل.
تحدث هذه الحالة لدى 1 من كل 200 حالة حمل، ومع ذلك، إذا استمرت الحالة، فقد تتسبب في نزيف خطير ومضاعفات أخرى في وقت لاحق من الحمل، مما يستدعي رعاية طبية فورية ومراقبة دقيقة.
كيف يمكن علاج نزول المشيمة؟
يمكن تشخيص نزول المشيمة من خلال الفحص بالموجات فوق الصوتية في أثناء الحمل، الذي يوفر صورة مرئية لموقع المشيمة ومدى ارتباطها بعنق الرحم.
في معظم الحالات، يُوصى بإجراء عملية قيصرية للولادة إذا كانت المشيمة تغطي جزءًا أو كل عنق الرحم. يمكن أن تسبب الولادة الطبيعية نزيفًا شديدًا وتشكل مخاطر على الأم والطفل.
قد يلجأ الطبيب لعلاجات سريعة، مثل:
- عمليات نقل الدم.
- الأدوية لمنع المخاض المبكر.
- حقن الأستيروئيد؛ لمساعدة نضوج رئة الطفل.
ومع ذلك، إذا كانت المشيمة موجودة بالقرب من عنق الرحم ولكن لا تغطيه، قد ينصحكِ الطبيب فقط بتقليل النشاط والراحة في السرير وتجنب الجماع؛ للحد من خطر النزيف.
إذا شعرتِ بأعراض، مثل النزيف المهبلي أو أي أعراض غير مفهومة، فمن الضروري طلب الرعاية الطبية الفورية، للحصول على التشخيص والإدارة وخيارات العلاج الوقائية؛ لضمان أفضل حماية ممكنة لكِ ولطفلكِ.
المشيمة هي عضو استثنائي يلعب دورًا حيويًا في دعم حمل صحي، من توفير العناصر الغذائية والأكسجين الأساسية إلى إزالة المخلفات، لضمان نمو صحي وسليم للطفل. ومع ذلك، في بعض الحالات التي تُصيب الحامل، مثل نزول المشيمة التي تغطي المشيمة فيها جزء من فتحة عنق الرحم أو كلها، تتطلب احتياطات خاصة وتدخلات طبية لضمان ولادة آمنة.
تذكري، المشيمة ليست مجرد عضو، إنها خط الحياة الذي يدعم نمو وتطور الحياة الجديدة.
أيضا