

إن مرض تليف الكبد أحد التحديات الطبية الرئيسية التي تواجهها المجتمعات اليوم، إذ يؤثر بشكل كبير في جودة حياة الملايين حول العالم، ومع تزايد انتشار هذا المرض، يثير السؤال الأساسي حول إمكانية الشفاء منه فضول المرضى، والعديد من التساؤلات التي تحتاج إلى أن نسلط الضوء عليها.
ما هو تليف الكبد؟
تليف الكبد هو حالة خطيرة تعيق عمل الكبد الطبيعي، وقد تؤدي إلى أذية وفشل كبدي مزمن.
الكبد هو عضو حيوي مسؤول عن وظائف متعددة، بما في ذلك تنقية السموم من الدم، وإنتاج الإنزيمات الهاضمة، وتخزين العناصر الغذائية، ومحاربة العدوى، ومع ذلك، عندما يتعرض الكبد للضرر مرارًا وتكرارًا على مدى فترة طويلة، قد تتطور حالة تليف الكبد.
يتميز بتشكل الأنسجة الندبية، التي تحل محل الخلايا الكبدية الصحية تدريجيًا، مما يؤثر في قدرة العضو على القيام بوظائفه بشكل صحيح.
علاج أمراض الكبد: أسبابه وأعراضه 2025؟
ما أسباب تليف الكبد؟
يمكن أن يحدث تليف الكبد نتيجة عدة عوامل، بما في ذلك:
- الكحول: قد يتسبب الاستهلاك الزائد والمطول للكحول في تلف كبير لخلايا الكبد، مما يؤدي إلى تطور مرض الكبد الكحولي الذي يُحدِث حالة في النهاية.
- مرض الكبد الدهني غير الكحولي (NAFLD): هو حالة مميزة بتراكم الدهون في الكبد. يرتبط ذلك عادة بالسمنة والنوع الثاني من داء السكري ومتلازمة الأيض. يتطور هذا المرض إلى تليف الكبد إذا لم يُعالج بشكل صحيح.
- التهاب الكبد الفيروسي: قد تسبب العدوى المزمنة بفيروس التهاب الكبد ب أو فيروس التهاب الكبد ج التهابًا وندبًا في أنسجة الكبد، مما يؤدي في النهاية إلى التليف إذا لم يُعالج بشكل فعال.
- أمراض الكبد الالتهابية الذاتية، مثل التهاب الكبد الذاتي المناعي والتهاب الأقنية الصفراوية المصلب الأولي (PSC) وغيرها التي قد تؤدي إلى التهاب مزمن وتلف لخلايا الكبد.
- الاضطرابات الجينية: ترتبط بعض الحالات الوراثية، مثل مرض ويلسون الذي يمكن أن يسبب تراكم المواد السامة في الكبد، وتليفه.
تساهم بعض العوامل الأخرى في تطور التليف، وهي تشمل القصور القلبي المزمن، وبعض الأدوية، والتعرض للسموم، وانسداد القنوات الصفراوية لفترات طويلة، والإصابة بالعدوى.
درجات تليف الكبد
يمكن تصنيف التليف إلى مرحلتين، وهم:
- تليف الكبد المعوض (Compensated Cirrhosis): في المراحل الأولى من التليف، عندما يمكن للكبد أداء وظائفه الأساسية، وقد لا يواجه الأفراد أعراضًا كبيرة، إذ يمكن للكبد تعويض الأنسجة التالفة.
تساعد المراقبة الطبية الدورية والعلاج المناسب في إدارة الحالة ومنع التقدم الأكثر تطورًا.
- تليف الكبد اللا تعويضي (Decompensated Cirrhosis): مع تقدم التليف وزيادة تلف الكبد، قد يصل إلى مرحلة مرضية لا يمكن للكبد أداء وظائفه الطبيعية بشكل كافٍ، مما يؤدي إلى حدوث مضاعفات خطيرة. قد يواجه الأفراد الذين يعانون من التليف المتطور أعراضًا، مثل تراكم السوائل في البطن، والنزيف الداخلي، والارتباك العقلي.
لنتعرف أكثر إلى أعراض التليف الشائعة في السطور التالية.
احجز استشارتك الان في مركز أمراض الجهاز الهضمي بمستشفى الموسى التخصصي.
أعراض تليف الكبد
تختلف أعراض تليف الكبد اعتمادًا على مرحلة المرض. في المراحل الأولى، قد لا يواجه الأفراد أي أعراض ملحوظة كما ذكرنا، ومع ذلك، مع تقدم حالة التليف، قد تظهر الأعراض التالية:
- التعب والضعف: يعاني الأفراد المصابون من الإحساس بالتعب والوهن المستمر، مما قد يؤثر بشكل كبير في أنشطتهم اليومية.
- فقدان الشهية: يمكن لتليف الكبد أن يؤثر في قدرة الجسم على هضم وامتصاص العناصر الغذائية، مما يؤدي إلى فقدان الشهية وفقدان الوزن غير المقصود.
- اليرقان: وهو اصفرار الجلد والعينين نتيجة لتراكم البيليروبين، وهو سائل يُنتج من الكبد ويخزن في المرارة في الجسم، وهو أحد الأعراض الشائعة لاضطراب الكبد.
- احتباس السوائل (الاستسقاء): يمكن لتليف الكبد أن يسبب احتباس السوائل في البطن وأجزاء أخرى من الجسم، مما يؤدي إلى تورم في الساقين والكاحلين والقدمين.
- الحكة: قد يسبب تراكم مخلفات الصفراء في الدورة الدموية حكة شديدة، مما قد يكون مؤرقاً للأفراد المصابين بتليف الكبد.
- الكدمات والنزيف: قد يؤثر في تخثر الدم، مما يؤدي إلى سهولة حدوث الكدمات والنزف المطول حتى من الإصابات الطفيفة.
- الارتباك العقلي: مع تقدم التليف، يمكن للسموم التي يقوم بتصفيتها الكبد عادة أن تتراكم في الدورة الدموية، مما يؤثر في وظيفة الدماغ ويسبب أعراضاً، مثل الارتباك والنسيان وتغيرات الشخصية.
تشمل الأعراض الأخرى لتليف الكبد البول الداكن، والبراز الفاتح، وآلام البطن، والغثيان، والقيء، وظهور الأوعية الدموية الصغيرة على الجلد بمظهر يشبه العناكب.
أعراض سرطان الكبد وهل يظهر فجأة؟
علاج تليف الكبد
بينما لا يوجد علاج نهائي لتليف الكبد، يهدف العلاج إلى إدارة الأعراض وبطء تقدم المرض، ومنع المضاعفات. سيعتمد النهج العلاجي الخاص على السبب الأساسي ومرحلة المرض. قد تشمل خيارات العلاج:
- تعديلات نمط الحياة، مثل التوقف عن شرب الكحول، وفقدان الوزن، واتباع نظام غذائي صحي في تحسين صحة الكبد.
- العلاج الدوائي، مثل الأدوية المضادة للفيروسات لالتهاب الكبد الفيروسي أو الأدوية المثبطة للمناعة لأمراض الكبد المناعية الذاتية.
كما يمكن وصف أدوية لأعراض ومضاعفات محددة، مثل مدرات البول لاستسقاء البطن أو اللاكتولوز للالتهاب الدماغي الكبدي.
- التدخلات الجراحية: في بعض الحالات، قد تكون الجراحة ضرورية لإدارة مضاعفات . يمكن أن تتضمن هذه التدخلات إجراءات لعلاج الأوعية الدموية أو تصريف السوائل من البطن، أو إزالة الأورام الكبدية.
- زراعة الكبد: قد تكون زراعة استبدال الكبد المصاب هي الخيار الوحيد بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من المتقدم وفشل وظيفته.
بالإضافة إلى العلاجات الطبية، يمكن للأشخاص الذين يعانون من اتخاذ خطوات لتحسين صحتهم العامة، والتي من أهمها أخذ التطعيمات الضرورية.
يُوصى بلقاحات ضد فيروسات التهاب الكبد A وB، والإنفلونزا، والعدوى الرئوية للأفراد الذين يعانون من تليف الكبد لتقليل خطر المزيد من تلف الكبد والعدوى.
كيف يتم تشخيص تليف الكبد؟
يتم تشخيص تليف الكبد في مستشفى الموسى التخصصي عبر مجموعة من الفحوصات السريرية والمخبرية والتصويرية، وتشتمل على التالي:
1- الفحص السريري والتاريخ الطبي
حيث يستفسر الطبيب عن الأعراض، ويلاحظ للعلامات الجسدية، ويسئل عن عوامل الخطر.
2-الفحوصات المخبرية
يطلب الطبيب عدة تحاليل للدم مثل:
- وظائف الكبد الذي يظهر فيه ارتفاع إنزيمات الكبد وانخفاض البروتين والألبومين، وكذلك يظهر ارتفاع البيليروبين.
- تقييم التخثر (INR)، ويظهر زيادة زمن التجلط بسبب نقص إنتاج عوامل التجلط في الكبد.
- تعداد الدم الكامل (CBC) للكشف عن فقر الدم أو نقص الصفائح.
- اختبارات التهاب الكبد الفيروسي (B, C).
- تحاليل المناعة الذاتية في حالة اشتبه في التهاب الكبد المناعي.
3- الفحوصات التصويرية
مثل:
- الموجات فوق الصوتية، للكشف عن التغيرات في حجم الكبد ووجود عقيدات أو استسقاء.
- التصوير المرن للكبد (FibroScan)، لقياس درجة تليف الكبد دون الحاجة لخزعة.
- التصوير المقطعي (CT) أو الرنين المغناطيسي (MRI)، لتقييم بنية الكبد والأوعية الدموية حوله.
4- عمل خزعة الكبد
في حالة كانت الفحوصات غير حاسمة، أو لتحديد سبب التليف مثل التهاب الكبد المناعي، حيث تؤخذ عينة صغيرة من نسيج الكبد بإبرة خاصة تحت التخدير الموضعي لفحصها تحت المجهر.
هل يمكن الشفاء من مرض تليف الكبد؟
تليف الكبد هو حالة مزمنة وتدريجية لا يمكن علاجها بالكامل، ومع ذلك، يمكن أن تساعد التدخلات المبكرة والعلاج المناسب وتعديلات نمط الحياة في بطء تقدم المرض، وإدارة الأعراض، وتحسين جودة الحياة العامة.
في بعض الحالات، قد تكون زراعة الكبد خيار الشفاء الوحيد للأشخاص الذين يعانون من التليف المتقدم وفشل الكبد.
تليف الكبد هو حالة معقدة وخطيرة تتطلب إدارة ورعاية شاملة. فهم الأسباب والأعراض والمراحل وخيارات العلاج أمر بالغ الأهمية للمرضى ومقدمي الرعاية الصحية لهم. من خلال اتخاذ إجراءات استباقية وإدارة الحالات الأساسية وتبني نمط حياة صحي، يمكن للأفراد الذين يعانون من تحسين جودة حياتهم وتطور المرض بشكل كبير.
نصائح للتعايش مع تليف الكبد
يوجد عدة خطوات وإرشادات ننصحك بها في مستشفى الموسى التخصصي إذا كنت مصاب بتليف الكبد لإبطاء تقدم المرض ومنع المضاعفات وتحسين جودة حياتك، بما في ذلك:
- التزم بنظام غذائي صحي للكبد، فعليك التقليل من الملح وتجنب المخلالات لتجنب احتباس السوائل.
- تجنب الأطعمة المعلبة والوجبات السريعة.
- قم بالتركيز على زيادة البروتين النباتي في طعامك مثل البقوليات كالعدس والفول وكذلك البروتينات الحيوانية سهلة الهضم كالأسماك والدجاج، وقلل البروتينات الحيوانية الثقيلة.
- تجنب تناول الدهون الضارة واستبدلها بدهون صحية مثل زيت الزيتون والأفوكادو.
- احرص على تناول الفواكه والخضروات فهي غنية بالفيتامينات ومضادات الأكسدة التي تدعم الكبد.
- ممنوع الكحول والتدخين، فها يسرعان من تلف الكبد.
- التزم بتناول الأدوية الموصوفة، ولا تتناول أي دواء دون استشارة الطبيب حتى المسكنات الشائعة مثل الباراسيتامول قد تكون ضارة.
- راقب المضاعفات واتخذ إجراءات سريعة، مثل تورم البطن أو النزيف.
- حافظ على نشاطك البدني بحسب قدرتك، فيمكنك المشي الخفيف أو عمل التمارين اللطيفة التي تحسن الدورة الدموية وتقلل من تراكم السوائل.
- تجنب الإرهاق الشديد، خاصة إذا كنت تعاني من إرهاق مزمن بسبب المرض.
- الاكتئاب والقلق شائعان مع أمراض الكبد المزمنة، فلا تتردد في طلب الدعم النفسي وانضم إلى مجموعات داعمة للمرضى، وتحدث مع عائلتك عن حالتك لمساعدتك في المتابعة اليومية.
- احرص على المتابعة الطبية المنتظمة واجراء الفحوصات الدورية.
مضاعفات تليف الكبد
يؤدي تليف الكبد إلى فشل وظائف الكبد بشكل تدريجي، مما قد يسبب مضاعفات خطيرة تهدد الحياة،وتشمل:
- الاستسقاء البطني، اي تراكم السوائل في البطن وانتفاخ البطن وثقلها.
- دوالي المريء والمعدة وحدوث النزيف الداخلي، ويظهر في القيء الدموي أو البراز الأسود.
- الاعتلال الدماغي الكبدي، أي حدوث خلل في وظيفة الدماغ فتظهر اعراض مثل الارتباك والرعشة أو تغيرات في الشخصية وغيبوبة.
- الفشل الكلوي، ويظهر في قلة البول وتورم الساقين وارتفاع الكرياتينين.
- فرط ضغط الدم، نتيجة انسداد تدفق الدم عبر الكبد المتليف.
- سرطان الكبد.
- العدوى المتكررة، نتيجة ضعف المناعة واستسقاء البطن.
- سوء التغذية ونقص الفيتامينات، نتيجة ضعف امتصاص العناصر الغذائية وفقدان الشهية
الأسئلة الشائعة
كم مدة حياة مريض تليف الكبد؟
تعتمد مدة حياة مريض تليف الكبد بشكل كبير على مرحلة التليف عند التشخيص، وعلى سبب التليف ومدى الالتزام بالعلاج ونمط الحياة، ففي المراحل المبكرة يمكن للمريض أن يعيش لسنوات عديدة مع المتابعة الطبية وأهمية تجنب مسببات التلف مثل الكحول أو الفيروسات الكبدية، وبالمراحل المتقدمة وبالأخص عند حدوث مضاعفات مثل الاستسقاء أو النزيف أو الفشل الكبدي، ويمكن أن تقل مدة الحياة لتتراوح بين شهور إلى بضع سنوات، وذلك إذا لم يتم إجراء زراعة كبد، كما يتم استخدام مقياس Child-Pugh أو مقياس MELD أو لتقدير مدى تقدم المرض وتوقع متوسط البقاء على قيد الحياة.
هل تليف الكبد يؤدي إلى الوفاة؟
يمكن أن يؤدي تليف الكبد إلى الوفاة، بالأخص إذا وصل التليف لمراحل متقدمة تعرف باسم تشمع الكبد أو الفشل الكبدي، حيث أن وظائف الكبد الحيوية تتوقف عن العمل بشكل كاف، كما تتفاقم الخطورة عند حدوث مضاعفات مثل تراكم السوائل بالبطن ما يعرف بالاستسقاء ونزيف الدوالي والاعتلال الدماغي الكبدي أو الإصابة بالعدوى المتكررة، وتجدر الإشارة إلى أن الاكتشاف المبكر والالتزام بالعلاج، وتفادي الأسباب المختلفة مثل الفيروسات الكبدية أو تناول الكحول، فهي طرق يمكنها إبطاء تطور المرض وتحسين فرص البقاء على قيد الحياة، وببعض الحالات المتقدمة تكون زراعة الكبد الخيار العلاجي المناسب لإنقاذ المريض.
ما هي المرحلة الأخيرة من تليف الكبد؟
المرحلة الأخيرة من تليف الكبد معروفة باسم تشمع الكبد أو التليف المتقدم، وهي تعد مرحلة يفقد فيها الكبد القدرة على أداء وظائفه الحيوية، وذلك بسبب تلف الخلايا، كما تظهر خلال تلك المرحلة مضاعفات خطيرة مثل تراكم السوائل بالبطن، ونزيف الدوالي المريء، واليرقان، والفشل الكلوي، والاعتلال الدماغي الكبدي، وهو ما يتسبب في الاضطرابات بالوعي والسلوك، وفي هذه المرحلة تصبح نسبة خطورة الوفاة كبيرة، كما يقيم الأطباء شدة الحالة باستخدام مقياس MELD، أو مقياس Child-Pugh وفي الغالب تكون زراعة الكبد الخيار الأفضل لتحسين البقاء على قيد الحالة بتلك المرحلة المتقدمة.
مراجع طبية
Cirrhosis of the Liver – clevelandclinic
Cirrhosis – mayoclinic
مهتم بصحتك؟
تابع أحدث المقالات، هذه مقالة طبية ولا تغنيك عن استشارة الطبيب، يمكنك الحجز مع افضل الاطباء في المملكة.
احجز موعدأيضا