تُعدّ متلازمة القولون العصبي (IBS) حالة مزمنة تفرض على المصاب مجموعة من الأعراض المزعجة مثل آلام البطن والانتفاخ واضطراب حركة الأمعاء ما بين الإسهال والإمساك. ويُنظر إلى هذا الاضطراب اليوم باعتباره خللاً في التواصل بين الأمعاء والدماغ؛ أي أن الإشارات المتبادلة بينهما لا تعمل بالكفاءة الطبيعية.
تتناول هذه المقالة العلاقة الوثيقة بين القلق ومتلازمة القولون العصبي، وتستعرض الأعراض الأكثر شيوعًا، إلى جانب كيفية التعامل مع الحالتين في الوقت نفسه.

مولدة بالذكاء الاصطناعي
ما هي متلازمة القولون العصبي؟
متلازمة القولون العصبي هو اضطراب وظيفي مزمن يصيب الأمعاء الغليظة، ويؤثر في حركة القولون وتوازنه العصبي، وعلى الرغم من عدم وجود تغيرات عضوية واضحة في الأمعاء عند الكشف الطبي، إلا أنّ المريض يعاني من مجموعة أعراض تؤثر على نمط حياته، مثل آلام البطن، والانتفاخ، واضطراب حركة الأمعاء بين الإسهال والإمساك أو مزيج منهما.
تحدث المتلازمة نتيجة خلل في التواصل بين الجهاز العصبي والقولون، وهو ما يُعرف بمحور الأمعاء-الدماغ. هذا الخلل يجعل الأمعاء تستجيب بشكل مبالغ فيه للمؤثرات الخارجية مثل التوتر أو بعض ، أنواع الطعام.
كذلك تلعب العوامل الهرمونية والجينية دورًا في ظهور المتلازمة، إضافةً إلى تغيّر تركيبة البكتيريا المعوية، وهو عامل أصبح يحظى باهتمام متزايد في المجال الطبي.
تأثير القلق على الجهاز الهضمي
يُعدّ الجهاز الهضمي من أكثر أجهزة الجسم حساسيةً تجاه الاضطرابات النفسية، ويأتي القلق في مقدّمة المؤثرات التي تغيّر طريقة عمل الأمعاء والمعدة بشكل ملحوظ. فعندما يرتفع مستوى القلق، يفرز الجسم هرمونات التوتر مثل الكورتيزول والأدرينالين، وهي مواد كيميائية تؤثر مباشرةً في حركة الأمعاء وإفراز العصارات الهضمية.
نتيجة لذلك، قد يشعر الشخص باضطرابات متعددة تتراوح بين الانتفاخ والغازات وصعوبة الهضم، وصولًا إلى تشنجاتٍ معوية قد تصبح مزمنة مع الوقت.
وفي بعض الحالات، يؤثر القلق على نمط تناول الطعام، فيقلّ أو يزداد استهلاك الوجبات دون وعي، مما يُفاقم الأعراض الهضمية. وتجدر الإشارة إلى أنّ القلق لا يؤثر فقط على البطن نفسه، بل يغيّر أيضًا من توازن بكتيريا الأمعاء النافعة، وهي عنصر أساسي للحفاظ على صحة الجهاز الهضمي.
وبينما قد يظن البعض أن أعراض القلق نفسية فقط، إلا أنّ تأثيراته الهضمية تُعدّ من أكثر العلامات شيوعًا، إذ يلاحظ الكثيرون ارتباطًا مباشرًا بين الضغوط اليومية وظهور مشكلات مثل الإسهال أو الإمساك أو الشعور بالامتلاء.
تعرف على: أمراض طب الجهاز الهضمي
أعراض القولون العصبي النفسية
تنعكس أعراض القولون العصبي مباشرة على جودة الحياة اليومية، ومن أبرزها:
- آلام وتقلصات في البطن
- الانتفاخ والشعور بالتمدّد
- الإمساك
- الإسهال
- وجود مخاط في البراز
- الحاجة الملحّة للتبرز
- تزايد الأعراض خلال فترة الدورة الشهرية
أما القلق فقد يتمثل في مشاعر مكثفة يصعب السيطرة عليها، وتشمل:
- الشعور بالتوتر
- الخوف
- القلق المستمر
- الاكتئاب

مولدة بالذكاء الاصطناعي
محفزات وأسباب القولون العصبي والقلق
1- تغيّر ميكروبات الأمعاء
يُعد الميكروبيوم المعوي عنصرًا أساسيًا في صحة الجهاز الهضمي، وقد يؤدي اختلاله – نتيجة المضادات الحيوية أو العدوى – إلى تفاقم أعراض القولون العصبي. ورغم أن آلية هذا التأثير ليست واضحة بالكامل، إلا أنه يُعتقد أن التوازن البكتيري يلعب دورًا مهمًا.
2- فرط حساسية محور الأمعاء والدماغ
يُعد القولون العصبي اضطرابًا في محور الأمعاء-الدماغ؛ وهذا يجعل الجهاز الهضمي أكثر استجابة حتى للتغيرات الصغيرة في الغذاء أو الحالة النفسية. ويُعرف هذا بـ فرط الحساسية الحشوية.
3- العوامل النفسية
قد ترافق المتلازمة مشكلات مثل التوتر المزمن، انخفاض الطاقة، الإرهاق، ضعف الرغبة الجنسية، أو اضطرابات النوم. وقد تكون هذه الأعراض لدى بعض المرضى أكثر إزعاجًا حتى من أعراض الجهاز الهضمي نفسها.
علاج القولون العصبي والقلق
تختلف خيارات العلاج بحسب نوع أعراض القولون العصبي النفسية ومدى شدتها، وقد يتطلب الأمر تجربة أكثر من طريقة للوصول إلى أفضل نتيجة، وتتمثل أهم الطرق العلاجية ما يلي:
- مضادات الاكتئاب: قد تساعد في تخفيف الألم العصبي وتحسين أعراض القلق أو الاكتئاب المصاحبة.
- العلاج السلوكي المعرفي (CBT): يساعد هذا النوع من العلاج على تعديل أنماط التفكير المضطربة والتعامل مع الضغط النفسي بطريقة أفضل.
- ممارسة الرياضة: تُعد ممارسة التمارين لمدة 20–60 دقيقة من ثلاث إلى خمس مرات أسبوعيًا – مثل المشي واليوغا وركوب الدراجة – وسيلة فعالة لتقليل الألم والإمساك وتحسين الصحة النفسية أيضًا.
- العلاج بالتنويم المغناطيسي: يساعد في تخفيف أعراض القولون العصبي من خلال تهدئة التواصل المضطرب بين الأمعاء والدماغ، وتقليل حساسية الجهاز الهضمي، وخفض التوتر والقلق. يعمل على إعادة برمجة استجابة الجسم للألم وتحسين حركة الأمعاء، بشرط أن يتم على يد مختص مرخّص لضمان أمان وفعالية العلاج.
- نظام غذائي منخفض الفودماب: أسلوب تغذية يعتمد على تجنب أو تقليل مجموعة معينة من الكربوهيدرات التي يصعب على الجسم هضمها، مما يؤدي إلى تخمّرها داخل الأمعاء والتسبب في أعراض مزعجة مثل الانتفاخ والغازات وآلام البطن، وهي أعراض شائعة لدى الأشخاص المصابين بمتلازمة القولون العصبي، لكن يُفضّل اتباعه تحت إشراف أخصائي تغذية.
اقرأ أيضاً: افضل دكتور باطنية في الاحساء
كيف تُسيطر على متلازمة القولون العصبي والقلق في المنزل؟
يمكن دمج مجموعة من الأساليب المكمّلة إلى جانب العلاج الطبي، ومنها:
للتحكم في القولون العصبي:
- زيادة الألياف الغذائية: الألياف تساعد في تحسين حركة الأمعاء وتنظيمها، وتخفّف من الإمساك، كما تمنح شعورًا بالراحة وتقليل الانتفاخ عند تناولها تدريجيًا.
- تجربة البروبيوتيك: البروبيوتيك هي بكتيريا نافعة تساعد في إعادة توازن بكتيريا الأمعاء، مما يساهم في تحسين الهضم وتقليل الغازات والتقلصات.
- تجنب الأطعمة الدهنية والحارة: الأطعمة الثقيلة أو الحارة تهيّج الأمعاء وقد تزيد من حدة الأعراض؛ لذلك يُنصح بالابتعاد عن المقليات والبهارات القوية.
- تقليل المشروبات الغازية والكافيين: لأنها تزيد الغازات وتؤثر على حركة الأمعاء، وقد تسبب الإسهال أو التهيّج لدى بعض الأشخاص.
- استخدام الملينات الخفيفة عند الإمساك: يمكن الاستعانة بملينات خفيفة آمنة عند الضرورة لتنشيط حركة الأمعاء، لكن يُفضل استخدامها لفترة قصيرة وتحت إشراف طبي.
- استخدام مضادات الإسهال عند الحاجة: عند تكرار الإسهال، قد تساعد مضادات الإسهال في تنظيم حركة الأمعاء وتقليل عدد مرات الإخراج، بشرط عدم الإفراط في استخدامها.
للسيطرة على القلق:
- ممارسة الرياضة
- الحصول على قدر كافٍ من النوم
- الانضمام إلى مجموعات الدعم
- ممارسة اليقظة الذهنية
- التأمل
متى يجب استشارة الطبيب المختص؟
من المهم التواصل مع طبيبك إذا لاحظت:
1- تغيرًا ملحوظًا في نمط التبرز.
2- استمرار الأعراض رغم تغيير نمط الحياة
3- تأثير الأعراض على النشاط اليومي أو الخروج من المنزل بسبب الخوف من الحاجة الملحّة للحمام
4- أعراض لا تتوافق عادةً مع القولون العصبي مثل:
- وجود دم في البراز
- إسهال مزمن
- تكرار دخول الحمام بشكل غير طبيعي
- ألم بطني شديد
- توقف حركة الأمعاء تمامًا
ختامًا؛ يجب أن ندرك أن الفهم المتوازن لارتباط القلق والقولون العصبي يمكّن المرضى والأطباء من اختيار استراتيجيات علاجية فعّالة طويلة الأمد؛ مزيج من العلاج النفسي، تعديل نمط الحياة، والدعم الطبي المتخصص هو السبيل الأمثل لتحسين الأعراض وجودة الحياة.
الأسئلة الشائعة عن أعراض القولون العصبي النفسية
هل القولون العصبي النفسي مرض مزمن أم يمكن علاجه نهائيًا؟
يُصنّف القولون العصبي النفسي كاضطراب طويل الأمد، وليس مرضًا يُشفى بشكل نهائي، لأنه يرتبط بتفاعل معقّد بين الأمعاء والدماغ، ومع ذلك، يمكن السيطرة على الأعراض بشكل كبير عند اتباع خطة علاجية تجمع بين النظام الغذائي والعلاج السلوكي وإدارة التوتر، ومع الالتزام بالعلاج المناسب، قد تصل الحالة إلى مستوى استقرار كامل يجعل النوبات نادرة أو شبه منعدمة.
هل يمكن للضغوط اليومية البسيطة أن تسبب نوبات القولون؟
نعم، حتى الضغوط البسيطة يمكن أن تُحفّز أعراض القولون العصبي النفسي، نظرًا لحساسية محور الأمعاء-الدماغ، قد تتفاعل الأمعاء بشكل مبالغ فيه مع مواقف عادية، مثل ضيق الوقت أو الانشغال أو التوتر العابر، ومع تكرار الضغط النفسي اليومي، تصبح النوبات أكثر حدوثًا وأكثر حدة لدى بعض الأشخاص.

مولدة بالذكاء الاصطناعي
كيف أفرق بين أعراض القولون العصبي النفسية وأعراض أمراض المعدة الأخرى؟
علامات القولون العصبي غالبًا تكون مزمنة ومتكررة، وتتحسن بعد التبرز أو تتغير مع نمط الطعام أو الحالة النفسية، أما أمراض المعدة الأخرى مثل القرحة أو التهابات المعدة فتظهر عادة بألم مستمر، قيء، فقدان وزن شديد، أو وجود دم في البراز، وإذا كانت الأعراض جديدة أو تزداد حدتها بشكل غير معتاد، يجب استشارة الطبيب لاستبعاد أي حالة عضوية.
هل يمكن أن تزيد المشروبات المنبهة من نوبات القولون العصبي؟
نعم، المشروبات المنبهة مثل القهوة والشاي ومشروبات الطاقة قد تهيّج الأمعاء وتزيد من سرعة حركتها، ما يؤدي إلى الإسهال أو التقلصات لدى المصابين بالقولون العصبي، كما أن الكافيين يُحفّز الجهاز العصبي، مما قد يزيد التوتر وبالتالي تفاقم الأعراض النفسية والجسدية، لذلك يُنصح بتقليلها.
هل تُعدّ نوبات القولون العصبي خطيرة على المدى الطويل؟
القولون العصبي نفسه لا يسبب مضاعفات خطيرة مثل السرطان أو تلف الأمعاء، لكنه يمكن أن يؤثر بشكل كبير على نمط الحياة اليومي، قد تسبب النوبات المستمرة إرهاقًا نفسيًا، قلقًا، وتقييدًا للأنشطة اليومية، كما قد تؤدي الأعراض غير المُدارة إلى سوء التغذية بسبب خوف المريض من تناول الطعام أو الاعتماد على أنماط غذائية غير متوازنة.
هل يمكن أن يسبب القولون العصبي وسواسًا أو خوفًا دائمًا؟
نعم، بعض المرضى يُصابون بحالة من القلق المفرط أو الوسواس نتيجة الخوف من ظهور الأعراض في أماكن عامة أو أثناء العمل، وهذا القلق المستمر قد يزيد من حساسية الجهاز الهضمي ويجعل النوبات أكثر تكرارًا، فيدخل المريض في دائرة من الأعراض والخوف، والعلاج السلوكي المعرفي وطرق إدارة التوتر قد تساعد بشكل كبير في كسر هذا النمط.
وللمزيد حول: أعراض ومضاعفات القولون العصبي ومتى يجب زيارة الطبيب للعلاج
لذا؛ إذا كنت تبحث عن رعاية متكاملة لـ أعراض القولون العصبي النفسية أو ترغب في تقييم شامل يجمع بين طب الجهاز الهضمي والدعم النفسي، تواصل مع مجموعة الموسى الصحية لحجز استشارة متخصصة وفريق علاج يتعامل مع الجوانب الطبية والنفسية لوضع خطة علاجية شخصية وآمنة.
مهتم بصحتك؟
تابع أحدث المقالات، هذه مقالة طبية ولا تغنيك عن استشارة الطبيب، يمكنك الحجز مع افضل الاطباء في المملكة.
احجز موعدأيضا