

الانتكاسة بعد العلاج من الادمان تُعد من أبرز التحديات التي قد يواجهها المتعافي، حيث يمكن أن تحدث في أي مرحلة من رحلة التعافي نتيجة لضغوط نفسية أو اجتماعية أو حتى التعرض لمثيرات مرتبطة بفترة الإدمان السابقة. إدراك طبيعة الانتكاسة وأسبابها يُعد خطوة أساسية لفهم كيفية التعامل معها والحد من احتمالية حدوثها. كما أن تعزيز المهارات السلوكية والدعم النفسي يلعبان دورًا محوريًا في الوقاية منها. من المهم أن يدرك المتعافي وأسرته أن الانتكاسة لا تعني الفشل، بل هي فرصة لتقوية خطة العلاج وبناء مقاومة أكبر للمستقبل.
في مستشفى الموسى التخصصي، تتوفر برامج علاجية شاملة تُركز على دعم المتعافين للوقاية من الانتكاسة والحفاظ على استقرارهم النفسي والسلوكي.
ما هي الانتكاسة بعد التعافي من الإدمان؟
الانتكاسة بعد العلاج من الإدمان هي حالة يعود فيها الشخص إلى تعاطي المادة المخدرة أو السلوك الإدماني بعد فترة من التوقف والالتزام بالعلاج.
تحدث الانتكاسة غالبًا نتيجة التعرض لضغوط نفسية، أو مواقف حياتية صعبة، أو محفزات تذكر الشخص بفترة الإدمان السابقة، مثل أماكن أو أشخاص أو روائح مرتبطة بالتجربة.
ورغم أنها أمر شائع في رحلة التعافي، فإنها لا تعني فشل العلاج، بل تشير إلى الحاجة لمراجعة الخطة العلاجية وتعزيز مهارات التأقلم والدعم النفسي. التعامل السريع والفعال مع الانتكاسة يساعد على تقليل آثارها ومنع تفاقم الوضع.
الأسباب الشائعة للانتكاسة بعد الإقلاع عن الإدمان
من أبرز الأسباب الشائعة للانتكاسة بعد الإقلاع عن الإدمان:
التعرض للمحفزات
قد تكون المحفزات أشخاصًا أو أماكن أو حتى أصوات وروائح ارتبطت في ذهن المدمن بفترة التعاطي. على سبيل المثال، المرور بمكان كان يتعاطى فيه، أو لقاء صديق قديم ما زال يستخدم المخدرات، يمكن أن يثير ذكريات قوية ورغبة ملحة في العودة. هذه المثيرات قد تعمل على إعادة تنشيط المسارات العصبية المرتبطة بالإدمان، مما يجعل مقاومة الإغراء صعبة.
الضغط النفسي والعاطفي
غالبًا ما يكون الإدمان وسيلة للهروب من المشاعر السلبية مثل القلق، الحزم، أو الإحباط. وعند مواجهة مشكلات حياتية كفقدان العمل أو المشكلات العائلية، قد يجد الشخص المتعافي نفسه بلا وسيلة بديلة لإدارة هذه الضغوط، مما يدفعه للعودة إلى التعاطي كحل سريع رغم معرفته بعواقبه.
ضعف الدعم الاجتماعي
وجود أشخاص داعمين من الأهل والأصدقاء أو مجموعات الدعم مثل ” مدمني المخدرات المجهولين” يلعب دورًا مهمًا في استمرار التعافي. غياب هذا الدعم يجعل الشخص يشعر بالعزلة، وقد يفتقر التشجيع أو النصائح التي يحتاجها في لحظات الضعف.
الإحساس بالثقة المفرطة
بعد فترة من التعافي، قد يشعر الشخص أنه أصبح قويًا بما يكفي لمواجهة الإغراء، فيسمح لنفسه بتجربة التعاطي “لمرة واحدة” ظنًا أنه لن ينزلق مجددًا. لكن هذه المحاولة قد تعيد تنشيط الإدمان بسرعة، نظرًا لأن الدماغ يستعيد اعتماده على المادة المخدرة بسهولة.
عدم الالتزام بالخطة العلاجية
غالبًا تشمل الخطط العلاجية جلسات متابعة، علاج نفسي أو أدوية تساعد في السيطرة على الأعراض الانسحابية والرغبات. التوقف عن حضور الجلسات أو إهمال تناول الأدوية يجعل الشخص أكثر عرضة للعودة للإدمان، إذ يفقد الدعم النفسي والرقابة التي تحميه من الانزلاق.
تعرف علي برامج إعادة تأهيل مرضى الإدمان
مراحل الانتكاس بعد العلاج من الادمان
لا تحدث الانتكاسة بعد العلاج من الادمان فجأة، بل تمر بعدة مراحل تدريجية يمكن ملاحظتها والتعامل معها مبكرًا قبل الوصول إلى التعاطي الفعلي. وأهم هذه المراحل هي:
الانتكاسة العاطفية (Emotional Relapse)
في هذه المرحلة لا يفكر الشخص في العودة إلى المخدرات بشكل مباشر، لكنه يعيش حالة من المشاعر السلبية مثل القلق، التوتر، الوحدة، أو الغضب. قد يهمل العناية بنفسه أو يتوقف عن ممارسة أنشطة صحية مثل النوم المنتظم وممارسة الرياضة. تُعد هذه المرحلة إشارة مبكرة لضرورة التدخل.
الانتكاسة الذهنية (Mental Relapse)
هنا يبدأ الصراع الداخلي بين الرغبة في التعافي والرغبة في العودة للتعاطي. قد تراوده أفكار مثل “جرعة واحدة لن تؤثر” أو “أنا أستطيع السيطرة”. يبدأ في تذكر أيام التعاطي وتخيل المشاعر المرتبطة بها، وأحيانًا يبحث عن فرص للقاء أصدقاء السوء أو التواجد في أماكن محفزة.
الانتكاسة السلوكية أو الفعلية (Physical Relapse)
هي المرحلة التي يعود فيها الشخص فعليًا للتعاطي، سواء بجرعة صغيرة أو العودة الكاملة للإدمان. هذه الخطوة غالبًا نتيجة تراكم المرحلتين السابقتين، وتُعتبر الأخطر لأنها قد تؤدي إلى فقدان التقدم الذي تم تحقيقه في العلاج.
علامات التحذير من قرب حدوث انتكاسة
من أبرز العلامات التحذيرية التي قد تشير إلى قرب حدوث انتكاسة بعد العلاج من الإدمان:
- الانعزال الاجتماعي
يبدأ الشخص في تجنب العائلة والأصدقاء، والابتعاد عن الأنشطة التي كانت تساعده على البقاء متعافيًا.
- تغيرات المزاج الحادة
الشعور بالقلق أو الاكتئاب أو الغضب بدون سبب واضح، ما قد يدفعه للبحث عن المخدر كمهرب.
- إهمال الرعاية الذاتية
التوقف عن ممارسة الرياضة، أو إهمال النوم والنظام الغذائي الصحي، مما يضعف القدرة على المقاومة .
- الحنين للماضي المرتبط بالإدمان
التفكير في أماكن أو أشخاص أو مواقف كانت مرتبطة بالتعاطي، أو تذكر الأوقات الجيدة.
- التبرير والتساهل
إقناع النفس بأنه يمكن التجربة مرة واحدة أو أن السيطرة ممكنة بعد التعافي.
- زيادة التوتر والضغط النفسي
مواجهة مشكلات حياتية بدون الحصول على دعم أو استخدام استراتيجيات التكيف الصحيحة.
أعراض الانتكاسة بعد العلاج من الادمان
هي التغيرات الجسدية والنفسية والسلوكية التي تظهر على الشخص بعد عودته لتعاطي المادة المخدرة مرة أخرى، وتشمل:
- الرغبة الشديدة والمستمرة في التعاطي: حيث يصبح التفكير منصبًا بشكل كبير على الحصول على المخدر أو استخدامه.
- تدهور الصحة الجسدية: مثل فقدان الوزن، الإرهاق المستمر، اضطراب النوم، أو ظهور أعراض الانسحاب عند انقطاع التعاطي.
- تغيرات المزاج الحادة: كالقلق المفرط، الاكتئاب، أو نوبات الغضب بدون سبب واضح.
- إهمال الأنشطة اليومية: التراجع في العمل أو الدراسة، وفقدان الاهتمام بالهوايات أو المسؤوليات.
- العزلة الاجتماعية: الابتعاد عن الأصدقاء أو العائلة، والتقرب مجددًا من رفقاء التعاطي.
- سلوكيات متهورة أو غير مسؤولة: مثل القيادة بتهور، الإنفاق المفرط، أو الانخراط في أنشطة خطرة.
علاج الانتكاسة بعد العلاج من الادمان
يتطلب العلاج خطة متكاملة تعيد الشخص إلى مسار التعافي وتمنع تكرار السقوط، وتشمل:
- الاعتراف بالمشكلة وطلب المساعدة فورًا
أول خطوة هي إدراك أن الانتكاسة ليست فشلًا نهائيًا، بل عقبة يمكن تجاوزها، ثم التواصل مع طبيب أو مركز علاج إدمان لاستعادة خطة العلاج.
- إعادة تقييم خطة التعافي
قد يحتاج الشخص لتعديل برنامج العلاج أو إضافة جلسات دعم نفسي أو جماعي أكثر كثافة لمواجهة أسباب الانتكاسة بعد العلاج من الادمان.
- العلاج السلوكي المعرفي (CBT)
يساعد المريض على تحديد المحفزات التي أدت للانتكاسة، وتطوير استراتيجيات للتعامل معها بشكل صحي.
- العلاج الدوائي عند الحاجة
تستفيد بعض الحالات من أدوية تقلل الرغبة أو تمنع تأثير المخدر على الدماغ، ويصفها الطبيب المختص.
- الانخراط في مجموعات الدعم
مثل اجتماعات المدمنين المجهولين، حيث يحصل الشخص على دعم من أشخاص مروا بتجارب مشابهة.
- تعزيز العادات الصحية
من خلال ممارسة الرياضة، اتباع نظام غذائي متوازن، وتحسين النوم، مما يدعم الصحة الجسدية والنفسية.
- إشراك العائلة في خطة العلاج
تدريب أفراد الأسرة على كيفية دعم المريض وتجنب التصرفات التي قد تحفزه على العودة للتعاطي.
الأسئلة الشائعة
كم تدوم الانتكاسة؟
تختلف مدة الانتكاسة من شخص لآخر حسب نوع المادة المخدرة ومدة فترة التعاطي السابقة وقوة الدعم النفسي والاجتماعي وسرعة التدخل العلاجي. قد تستمر لأيام إذا تم التدخل المبكر، وقد تمتد لأسبابيع وأشهر إذا لم يحصل الشخص على دعم أو علاج مناسب.
هل الانتكاسة جزء من التعافي؟
نعم، قد تُعد الانتكاسة بعد العلاج من الادمان جزءًا محتملًا من رحلة التعافي من الإدمان، فهي أمر شائع بسبب طبيعة الإدمان كاضطراب مزمن. تمنح الانتكاسة فرصة للتعلم وتصحيح خطة العلاج، والمهم هو التعامل معها بسرعة وعدم الاستسلام.
هل يعود الإنسان طبيعي بعد الإدمان؟
نعم، يمكن للإنسان أن يعود طبيعيًا بعد الإدمان، إذا التزم بالعلاج والدعم النفسي والاجتماعي، وحافظ على أسلوب حياة صحي وتجنب مسببات الانتكاسة.
في الختام، تمثل الانتكاسة بعد العلاج من الادمان تحديًا شائعًا لكنها ليست نهاية الطريق، بل فرصة لإعادة التقييم وتصحيح المسار. بالوعي بالأسباب والعلامات المبكرة، وطلب الدعم في الوقت المناسب، يمكن للمريض استعادة توازنه والاستمرار في رحلة التعافي بثبات.
المصادر
Addiction Relapse: Risk Factors, Coping & Treatment Options – americanaddictioncenters
مهتم بصحتك؟
تابع أحدث المقالات، هذه مقالة طبية ولا تغنيك عن استشارة الطبيب، يمكنك الحجز مع افضل الاطباء في المملكة.
احجز موعدأيضا