لطالما عانيت من الوزن الزائد، وواجهت صعوبة في خسارته على الرغم من اتباع حميات غذائية صارمة وممارسة الرياضة بانتظام. لم أفهم السبب، إلى أن أخبرني طبيبي بأنّ مشكلة القولون العصبي، التي رافقتني لسنوات، قد تكون لعبت دورًا رئيسيًا في ذلك وحدثني عن البروبيوتيك ودورها في علاج الأمر. أنا سارة قررت أن أروي لكم تجربتي مع البكتيريا النافعة لأعرفكم بأهميتها وتأثيرها الخفي في حياتكم.
تجربتي مع البكتيريا النافعة
لأعوام طويلة، خضت معركة شرسة ضد وزني الزائد ومشكلات القولون العصبي المزعجة. جرّبتُ جميع أنواع الحميات الغذائية، لكن سرعان ما كنت أستسلم بسبب اضطرابات الجهاز الهضمي التي ترافق أي محاولة لتغيير نظامي الغذائي. الأدوية المخصصة للتنحيف كانت بمثابة كابوس، تزيد من آلام المعدة والإسهال، فما بالك بتناول الأطعمة المليئة بالألياف التي لم يتحملها جسمي أصلاً.
في قرارة نفسي، كنت أشعر بأن هناك سبباً رئيسياً وراء كل هذه المعاناة، لكن لم أتوصل إليه إلى أن زرت الطبيبة المختصة. بعد استقصاء دقيق، تبيّن أن الاستخدام المتكرر والخاطئ للمضادات الحيوية عند إصابتي بالإنفلونزا، ولفترة طويلة بدون استشارة طبية، كان السبب الرئيسي وراء خلل التوازن في بكتيريا الأمعاء النافعة، وهنا كانت الإجابة عن سؤال مهم: ما هي هذه البكتيريا وما علاقة المضاد الحيوي بالأمر؟
ما هي البكتيريا النافعة؟
البكتيريا النافعة والمعروفة أيضًا باسم البروبيوتيك، هي كائنات دقيقة مفيدة، لدينا الملايين منها، تلعب دورًا مهمًا في الحفاظ على صحة الجسم.
تساعد البروبيوتيك على هضم الطعام وامتصاص العناصر الغذائية، إذ أنها تنتج الفيتامينات الأساسية، مثل حمض الفوليك والنياسين والفيتامينات ب 6 وب12 في القناة الهضمية.
تساعد البروبيوتيك أيضًا على حماية الجسم من البكتيريا الضارة من خلال التنافس على الغذاء ومنع نموها.
يمكن الحصول على البروبيوتيك من الأطعمة المخمرة، مثل الزبادي واللبن الرائب والمخلل. تتوفر أيضًا مكملات البروبيوتيك في الصيدليات، ولكن الأطعمة تُعد مصادر أفضل في حال عدم وجود مشكلة طبية تؤكد وجود نقص في هذه البكتيريا في الجسم.
ثبت أن البروبيوتيك تساعد على تخفيف أعراض حالات، مثل مرض التهاب الأمعاء ومتلازمة القولون العصبي، كما أنها تدعم نظام المناعة الصحي.
على الرغم من عدم وجود كمية يومية موصى بها، إلا أن الخبراء ينصحون بإضافة المزيد من الأطعمة المخمرة الغنية بالبروبيوتيك إلى نظامك الغذائي لدعم صحة الأمعاء. وتُعد البروبيوتيك آمنة بشكل عام، ولكن من المهم اختيار مصادر ومكملات غذائية عالية الجودة.
وفي أثناء رحلة بحثي بخصوص هذه البكتيريا أفادني كثيراً قراءة المقال الآتي: كل ما تحتاج لمعرفته عن البكتيريا النافعة وفوائدها الصحية، أنصحكم بقراءته.
اقرأ أيضا: فوائد البكتريا النافعة
هل المضاد الحيوي يقضي على البكتيريا النافعة؟
أخبرتني الطبيبة المزيد عن التأثير السلبي للمضادات الحيوية في صحة الأمعاء، إذ أوضحت أن هذه الأدوية، على الرغم من فعاليتها في مكافحة البكتيريا الضارة، تُلحق الضرر أيضاً بالبكتيريا النافعة، تلك الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش في أمعائنا وتلعب أدواراً حيوية في صحتنا كما ذكرت لكم.
ولكني لازلت أشعر أني أصبح أفضل عند تناول المضادات الحيوية، فلماذا إذا هي بهذا الضرر؟
أكملت الطبيبة كلامها بأن أدوار الإنفلونزا التي تُصيبنا جميعاً ما هي إلا كائنات فيروسية لا تُعالج بالمضادات الحيوية ولا تحتاجها، بل هي لها دورة حياة قصيرة تسبب بعض الأعراض المزعجة وتُشفى تلقائياً في أغلب الحالات، أما المضادات الحيوية فهي تؤثر في أجسامنا كالآتي:
- قتل واسع النطاق: تُصمم المضادات الحيوية لاستهداف جميع أنواع البكتيريا، بما في ذلك المفيدة والضارة.
- اختلال التوازن: يؤدي القضاء على البكتيريا النافعة إلى اختلال التوازن في الميكروبيوم المعوي، مما يخلق بيئة ملائمة أكثر لنمو البكتيريا الضارة ويسبب ضعف عمل الجهاز المناعي واضطراب الجهاز الهضمي مثلما حدث في حالتي.
- مقاومة المضادات الحيوية: قد يُسهم تناول المضادات الحيوية بشكل عشوائي في تطوير سلالات بكتيرية مقاومة لهذه الأدوية، مما يجعل علاج العدوى أكثر صعوبة، ويجعلها أكثر تكراراً.
أدركتُ حينها أنّ صحة الأمعاء هي مفتاح صحة جسدي كله، وأن استشارة الطبيب قبل تناول أي مضاد حيوي هو أمر حتمي.
لم أتردد لحظة، وبدأتُ رحلتي مع البكتيريا النافعة. حرصتُ على تناول الأطعمة الغنية بها، مثل الزبادي والمخللات، كما أضفتُ مكملات البروبيوتيك إلى نظامي الغذائي حسب تعليمات الطبيبة.
وكان لدي بعض الأسئلة حولها التي سأشاركها معكم ، والتي كان أولها كيف يمكن أن أخسر وزني؟
هل تناول البكتيريا النافعة تنقص الوزن؟
أجابتني الطبيبة بأن الدراسات أظهرت أن البروبيوتيك قد تقلل من امتصاص الجسم للسعرات الحرارية من الطعام، وتعزز من صحة الأمعاء وعمليات الهضم.
كما أنها تساعد على تحكم أفضل بالشهية، من خلال دورها المحتمل في تنظيم الهرمونات التي تتحكم بالشهية.
إضافة إلى أن هناك المزيد من الأبحاث حول أنها قد تساعد على زيادة مستويات البروتينات التي تعزز من حرق الدهون وتقلل تخزينها، وأنها تسهم في تقليل الالتهاب المزمن المرتبط بالسمنة.
متى يبدأ مفعول بكتيريا نافعة؟
شرحت لي الطبيبة أن لا أتوقع النتائج الفورية، وأن أثابر على العمل بجد لدعم صحة الجهاز الهضمي، وبالفعل خلال الأسبوع الأول من إضافة مكملات البروبيوتيك إلى نظامي اليومي، لم ألاحظ أي تغيير كبير في أعراض اضطرابات الجهاز الهضمي. لكنني شعرتُ بتحسن خفيف في عملية الهضم، إذ قلّت الانتفاخات قليلاً.
مع مرور أسبوعين وصولا إلى أربعة أسابيع، بدأتُ ألاحظ تحسّناً ملحوظاً في أعراض القولون العصبي. قلّت آلام المعدة بشكل كبير، وقلّت نوبات الإسهال، وبدأتُ أشعر براحة أكبر بعد تناول الطعام.
بعد مرور بضعة أشهر، أصبحتُ أشعر بتغير جذري في صحتي. اختفت أعراض اضطرابات الجهاز الهضمي بشكل مُرضِي وتحسّنت قدرتي على امتصاص العناصر الغذائية وهذا ما ظهر في التحاليل الطبية الخاصة بي، وزادت طاقتي ونشاطي، بل لأبشركم أني لاحظت خسارة الوزن بشكلٍ تدريجيٍّ وصحيٍّ.
أدركتُ من خلال تجربتي أنّه لا توجد إجابة محددة لسؤال “متى يبدأ مفعول البروبيوتيك؟”. فذلك يعتمد على العديد من العوامل، مثل الحالة الفردية ونوع البروبيوتيك والجرعة وجودة المنتج.
ولكن لدي بعض النصائح الضرورية حيال الأمر لأذكركم بها، وهي أنه من المهم استشارة الطبيب قبل البدء بتناول أي مكملات غذائية، بما في ذلك البروبيوتيك، لتحديد النوع والجرعة المناسبة لكم.
كما يجب اختيار منتجات عالية الجودة التي تحتوي على سلالات بكتيرية موثوقة وذات فعالية مثبتة.
ولأني أصبحت أرهب تأثيرات الأدوية الضارة بالتأكيد سألت الطبيبة في بداية رحلتي عن الآثار الجانبية المحتملة. واصلوا القراءة لأتلو لكم إجابتها.
هل أخذ البكتيريا النافعة له أضرار؟
بالتأكيد مثلها مثل أي مكمل غذائي، يمكن أن تسبب البروبيوتيك بعض الآثار الجانبية، وهي متمثلة في:
- التغييرات الهضمية المؤقتة: قد يعاني بعض الأشخاص من الانتفاخ أو زيادة الغازات أو تغيرات في حركة الأمعاء خلال الأيام أو الأسابيع الأولى من تناول البروبيوتيك. عادةً ما تكون هذه الأعراض خفيفة وتختفي من تلقاء نفسها.
- الإمساك: قد تسبب بعض أنواع البروبيوتيك الإمساك، وزيادة العطش.
كما أنها تملك مخاطر أقل شيوعًا، مثل:
- الطفح الجلدي أو الحكة: في حالات نادرة، قد تسبب البروبيوتيك حساسية جلدية، خاصة عند الأشخاص الذين يعانون من الحساسية أو عدم تحمل لمكونات معينة.
- العدوى: في حالات نادرة جدًا، قد تزيد البروبيوتيك من خطر الإصابة بالعدوى لدى الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة.
- فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة: قد لا تفيد البروبيوتيك الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة، إذ يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الأعراض.
- مقاومة المضادات الحيوية: هناك خطر ضئيل لتناول بكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية عند تناول بعض أنواع البروبيوتيك.
نصحتني الطبيبة بعد إجابتها بأن لا أتناول أي نوع من البكتيريا النافعة دون استشارتها، والالتزام بالوصفة الطبية المرفقة، كما أنها أكدت على البدء بجرعة منخفضة وزيادتها تدريجياً حسب حاجتي، ونصحتني بمراقبة أي أعراض جانبية واستشارتها مباشرة إذا ظهر أي عرض مقلق.
وأكملت كلامها بأنه لا داعي للخوف، وأن فوائد البروبيوتيك تفوق بكثير المخاطر المحتملة. فمعظم الناس يتحملونها بشكل جيد دون أي آثار جانبية.
ختامًا، لقد كانت تجربتي مع البكتيريا النافعة رحلةً مُلهمةً غيّرت حياتي للأبد. فقد اكتشفتُ قوة هذه الكائنات الدقيقة في تحسين الصحة العامة، وتعزيز وظائف الجهاز الهضمي، ومكافحة السمنة.
أُشاركُ تجربتي اليوم معكم إيمانًا مني بأهمية نشر الوعي حول فوائد البكتيريا النافعة، ودورها في تحقيق حياة صحية وسعيدة.
أيضا