

في الوقت الذي يزداد فيه الوعي بسرطان الثدي، تظل ساركوما الثدي من الحالات النادرة التي يغفل عنها كثيرون رغم خطورتها واختلافها عن الأنواع الشائعة. هذا النوع من الأورام يتطلب فهمًا خاصًا نظرًا لندرته وسرعة تطوره في بعض الأحيان. وتزداد الحاجة إلى تسليط الضوء على هذه الحالات لفهم أعراضها، وطرق تشخيصها، وخيارات العلاج المتاحة، خاصة لدى النساء اللاتي يواجهن تحديات مضاعفة مع كل تشخيص غير مألوف. ويُعد مستشفى الموسى التخصصي من المراكز المتقدمة في تشخيص وعلاج أورام الثدي النادرة، ويجمع بين الخبرة الطبية والتقنيات الحديثة لتقديم رعاية دقيقة وشاملة للمرضى.
ما هي ساركوما الثدي
هي نوع نادر من الأورام الخبيثة النادرة التي تنشأ في الأنسجة الضامة (مثل العضلات أو الدهون أو الأوعية الدموية) داخل الثدي، وليس في القنوات أو الفصوص اللبنية كما هو الحال في أنواع سرطان الثدي الشائعة. تختلف هذه الأورام عن السرطانات الشائعة من حيث المنشأ والخصائص، وتتميز بنموها السريع أحيانًا مما يتطلب تشخيصًا دقيقًا وعلاجًا متخصصًا.
تمثل أقل من 1% من سرطانات الثدي، وغالبًا ما تنمو بسرعة وتكون عدوانية وتتطلب تدخلًا مبكرًا. لا تتأثر بالهرمونات الأنثوية، لذا لا تستجيب للعلاجات الهرمونية.
وتتعدد أنواع الساركوما، وتختلف حسب نوع الخلايا التي تنشأ منها. ورغم ندرتها، إلا أن بعضها أكثر شيوعًا من الآخر. من الأنواع الرئيسية:
- الأنغيوساركوما: وهو النوع الأكثر شيوعًا، ينشأ من الأوعية الدموية أو اللمفاوية في الثدي. قد يكون أوليًا (يظهر تلقائيًا)، أو ثانويًا (نتيجة سابقة للعلاج الإشعاعي).
- الساركوما الليفية: ينشأ من الأنسجة الليفية داخل الثدي، يتصف بنمو سريع وقد ينتشر إلى الأنسجة المجاورة إن لم يُعالج مبكرًأ.
- الساركوما الشحمية: ينمو من الخلايا الدهنية داخل نسيج الثدي. نادر جدًا، وغالبًا ما يُكتشف بالصدفة عند الفحص بالتصوير أو الخزعة.
- الساركوما العضلية المخططة: نادر للغاية، ينشأ من خلايا عضلية هيكلية غير طبيعية داخل الثدي، يُشاهد عادة في الفئات العمرية الأصغر.
- الساركوما العظمية: حالة نادرة جدًا، يحدث فيها تكون أنسجة شبيهة بالعظم داخل الورم. تحتاج لتشخيص دقيق وتمييز عن الأورام العظمية الأصلية.
- الساركوما المختلطة: تشمل أنواعًا لا يمكن تصنيفها بدقة ضمن نوع واحد. تكون الخلايا غير متمايزة، ما يجعل تشخيصها وعلاجها أكثر تعقيدًأ.
أعراض ساركوما الثدي
رغم ندرتها، فإن أعراض الساركوما قد تشبه أحيانًا بعض أورام الثدي الأخرى، لكنها تتميز بسرعة ظهورها أو نموها، وتشمل:
كتلة صلبة في الثدي
تُعد الكتلة الصلبة من أولى العلامات الملاحظة في معظم حالات الساركوما. غالبًا ما تكون هذه الكتل:
- غير مؤلمة.
- ملموسة بوضوح تحت الجلد.
- يمكن تمييزها عن نسيج الثدي الطبيعي.
- ذات حواف غير منتظمة في بعض الأحيان.
- لا تتحرك بسهولة عند اللمس.
نمو سريع للكتلة
أحد أكثر السمات وضوحًا لساركوما الثدي هو سرعة تطور الورم. فهذه الكتلة:
- تنمو خلال أسابيع قليلة.
- يتغير حجمها بشكل واضح، مما يثير القلق.
- في بعض الأحيان، تصبح مرئية خارجيًا أو تسبب انتفاخًا في جزء من الثدي.
تغير في شكل أو حجم الثدي
نتيجة نمو الكتلة بسرعة، قد يحدث:
- عدم تناسق بين الثديين.
- تمدد أو شد في أحد جوانب الثدي بسبب ضغط الورم على الأنسجة المحيطة.
- تغير عام في المظهر، قد يظهر بشكل انتفاخ أو تغير في حدود الثدي، ويكون ملحوظًا عند النظر أو ارتداء الملابس.
شد أو تورم في الجلد فوق الورم
عندما تنمو الساركوما في الثدي بشكل أكبر، قد تؤثر على الجلد الموجود فوقها، مما يؤدي إلى:
- شد أو تصلب الجلد في المنطقة المصابة.
- ظهور احمرار أو لمعان غير طبيعي على سطح الجلد.
- تورم خفيف أو تغير في الملمس، أحيانًا يكون الجلد مشدودًا أو متجعدًا.
وتشير هذه التغيرات إلى أن الورم بدأ يمتد نحو الطبقات السطحية.
عدم وجود إفرازات من الحلمة
لا يصاحب الساركوما غالبًأ أي إفرازات دموية أو شفافة من الحلمة، ولا يكون هناك ألم في الحلمة أو تغير في شكلها، إلا في مراحل متأخرة جدًأ.
لذلك، فإن غياب الإفرازات لا ينفي وجود ورم، وهو ما قد يجعل الكشف المبكر أكثر صعوبة دون فحص سريري أو إشعاعي.
تعرف على: دليل شامل عن الفرق بين الساركوما والكارسينوما
اسباب ساركوما الثدي
حتى الآن لا توجد أسباب دقيقة ومباشرة تؤدي إلى الإصابة بها، ولكن تشير الأبحاث إلى وجود عوامل خطر محتملة قد تساهم في تطورها. وتشمل هذه العوامل:
العلاج الإشعاعي السابق للثدي
من أبرز العوامل المعروفة، السيدات اللاتي تلقين علاجًا إشعاعيًا سابقًا لسرطان الثدي (أو منطقة الصدر) تزداد لديهم احتمالية الإصابة بالساركوما بعد سنوات.
تحدث هذه الحالة عادة بعد 5 إلى 10 سنوات من العلاج الإشعاعي، وتُعرف باسم “الساركوما المرتبطة بالإشعاع”.
الاستعداد الوراثي أو الطفرات الجينية
بعض الطفرات الجينية النادرة قد تزيد من خطر الإصابة، مثل:
- متلازمة لي-فروميني (Li-Fraumeni Syndrome)
- متلازمة نيونان أو متلازمة الورم الليفي العصبي
تؤثر هذه المتلازمات على الجينات المسؤولة عن تنظيم انقسام الخلايا ومنع الأورام.
التعرض للمواد الكيميائية المسرطنة
مثل بعض المواد الصناعية أو الأدوية الكيميائية التي تؤثر على الحمض النووي للخلايا. إلا إن هذا العامل غير مثبت بقوة في حالة الساركوما، مقارنة بساركوما الأنسجة الأخرى.
ضعف الجهاز المناعي
في حالات نادرة، قد تكون هناك علاقة بين ضعف المناعة والإصابة بأنواع نادرة من الأورام. بما في ذلك الساركوما. خاصة لدى من خضعوا لزراعة أعضاء أو يعانون من أمراض مناعية مزمنة.
العمر
يمكن أن تصيب النساء في أي عمر، لكنها أكثر شيوعًا في منتصف العمر (40-60 سنة). وتكون نادرة جدًا عند الفتيات.
وعلى عكس الأنواع الشائعة من سرطان الثدي، فإن الساركوما لا ترتبط بالعوامل الهرمونية أو النمط الحياتي المعتاد. فاختلال التوازن الهرموني، أو استخدام حبوب منع الحمل، أو سن اليأس، أو حتى الرضاعة الطبيعية، ليست من مسببات الساركوما. كذلك لم يُثبت أن السمنة أو التدخين أو النظام الغذائي تشكل عوامل خطر مباشرة لهذا النوع من الأورام. ولأنها تنشأ من الأنسجة الضامة وليس من الغدد اللبنية، فإن آليات ظهورها تختلف كليًا عن السرطانات الهرمونية المعروفة.
احجز استشارتك الان في مركز الأورام بمستشفى الموسى التخصصي.
الفرق بين ساركوما الثدي وسرطان الثدي
يكمن الفرق بين الساركوما والأنواع الأخرى من سرطانات الثدي في عدة نقاط، وهي:
التواجد
- الساركوما نادرة جدًأ (تمثل أقل من 1% من سرطانات الثدي).
- سرطان الثدي التقليدي شائع جدًا بين النساء حول العالم، يُصيب حوالي 12.5% من النساء
مكان النشأة
- تنشأ الساركوما من الأنسجة الضامة (مثل العضلات أو الأوعية الدموية داخل الثدي).
- بينما ينشأ السرطان التقليدي من خلايا القنوات أو الفصوص المسؤولة عن إفراز الحليب.
الأسباب
- ترتبط الساركوما في الثدي غالبًا بالتعرض السابق للإشعاع أو بطفرات جينية نادرة.
- أما السرطان التقليدي يرتبط بالعوامل الهرمونية، والوراثة، ونمط الحياة.
الاستجابة للهرمونات
- لا تتأثر الساركوما بالهرمونات الأنثوية.
- تعتمد بعض أنواع سرطان الثدي التقليدي على الهرمونات في النمو وتُعالج بالعلاج الهرموني.
نمط الانتشار
- تنمو ساركوما الثدي بسرعة وقد تنتشر عبر الدم إلى أعضاء أخرى.
- غالبًا ينتشر سرطان الثدي التقليدي عبر الجهاز الليمفاوي.
طرق التشخيص
- يُصعب تشخيص الساركوما بالماموغرام فقط. وتحتاج إلى خزعة دقيقة وتحاليل متخصصة.
- يُكشف السرطان التقليدي غالبًا من خلال فحوصات الماموغرام الدورية والفحص السريري.
التوقعات ومعدلات الشفاء
- تعتمد التوقعات في الساركوما على نوع الورم وسرعة اكتشافه ومكان انتشاره.
- بينما تكون التوقعات في السرطان التقليدي أفضل كلما تم اكتشافه مبكرًا، مع وجود بروتوكولات علاجية فعالة.
طرق تشخيص ساركوما الثدي
يتطلب تشخيص الساركوما دقة عالية لأنها نادرة ويشبه أحيانًا أورامًا حميدة أو أنواعًا أخرى من السرطان. ومن أهم طرق التشخيص:
الفحص السريري
- يبدأ الطبيب بتقييم الكتلة في الثدي من حيث الحجم، الملمس، والحركة.
- غالبًا ما تكون الكتلة صلبة وتنمو بسرعة، مما يثير الشك في وجود ورم غير تقليدي.
التصوير الطبي
- الماموغرام: يُستخدم للكشف عن أي كتل أو تغيرات في نسيج الثدي، لكنه قد لا يكون كافيًا بمفرده لتشخيص الساركوما.
- الموجات فوق الصوتية (السونار): تُساهم في تمييز الكتلة الصلبة من الكيسة.
- الرنين المغناطيسي (MRI): يستخدم لتحديد مدى انتشار الورم داخل أنسجة الثدي وحولها بدقة عالية.
الخزعة
- وهي الخطوة الأهم للتشخيص، حيث تؤخذ عينة من نسيج الورم لتحليلها تحت المجهر.
- يحدد الفحص نوع الخلايا، وهل هي ساركوما أم نوع آخر من الأورام.
التحليل النسيجي والمناعي
- يستخدم لتحديد نوع الساركوما بالتحديد، مثل (أنغوساركوما، أو ساركوما شحمية).
- يفيد أيضًا في تمييز الساركوما عن سرطانات الثدي التقليدية.
الفحوصات الإشعاعية الإضافية
- مثل الأشعة المقطعية (CT) أو التصوير النوور (PET Scan) لتحديد إذا ما كان الورم قد انتشر إلى أماكن أخرى في الجسم.
تعرف على: علاج ساركوما الرئة | طرق التشخيص وخيارات العلاج
كيفية علاج ساركوما الثدي
يختلف علاج الساركوما عن علاج سرطان الثدي التقليدي، ويعتمد على نوع الساركوما، وحجمه، ومدى انتشاره. نظرًا لأنه ورم نادر، يُنصح بالعلاج في مراكز متخصصة في الأورام. ومن طرق العلاج الأساسية:
الجراحة (الاستئصال الجراحي):
- الخيار العلاجي الأول والأساسي لمعظم أنواع الساركوما، والهدف هو إزالة الورم بالكامل مع حواف آمنة، أي أن يكون النسيج حول الورم خاليًا من الخلايا السرطانية.
- في بعض الحالات، قد يتطلب الأمر استئصال الثدي بالكامل.
العلاج الإشعاعي
- يُستخدم بعد الجراحة لتقليل خطر عودة الورم، خاصة إذا كان الورم كبيرًا أو الحواف الجراحية غير واضحة.
- نادرًا ما يُستخدم كعلاج وحيد.
العلاج الكيميائي
قد يُستخدم في حالات معينة، مثل:
- الورم كبير جدًا أو سريع النمو.
- انتشار الورم إلى أماكن أخرى من الجسم (النقائل).
تختلف الفائدة منه حسب نوع الساركوما؛ فبعض الأنواع تستجيب جيدًا، والبعض الآخر لا.
العلاج الموجه أو المناعي
- لا يُعد حاليًا علاجًا رئيسيًا للساركوما، لكن بعض الأنواع النادرة قد تُجرب فيها أدوية موجهة أو تجريبية في مراكز متقدمة.
- يُستخدم فقط في الحالات المتقدمة جدًا أو عند فشل الخيارات الأخرى.
المتابعة الدورية الدقيقة
بعد الانتهاء من العلاج، يحتاج المريض إلى فحوصات دورية بالأشعة والفحص السريري للكشف المبكر عن أي عودة محتملة للورم.
الأسئلة الشائعة
من أين يأتي سرطان ساركوما؟
تنشأ الساركوما من الأنسجة الضامة في الثدي مثل الأوعية الدموية والعضلات والدهون أو الأنسجة الليفية.
ما هو أخطر أنواع الساركوما؟
أخطر الأنواع هو الأنغيوساركوما، لأنه ينمو بسرعة وينتشر مبكرًا ويصعب علاجه، خاصة إذا كان ناتجًا عن علاج إشعاعي سابق.
هل الساركوما ترجع مرة ثانية بعد العلاج؟
نعم، قد تعود الساركوما بعد العلاج، خاصة إذا كانت من الأنواع العدوانية مثل الأنغيوساركوما، أو لم تُستأصل بالكامل بهوامش آمنة. لذلك تُعد المتابعة الدورية بعد العلاج أمرًا ضروريًا لرصد أي عودة مبكرة للورم.
الخلاصة
رغم ندرتها، فإن ساركوما الثدي تُعد حالة تتطلب وعيًا وتشخيصًا دقيقًا، نظرًا لاختلافها الكبير عن سرطان الثدي التقليدي. الفحص المبكر والمتابعة مع فريق طبي مختص يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا في النتائج. ومع التقدم في الجراحة والعلاج، أصبح من الممكن التحكم في المرض بشكل أفضل، لكن يبقى الحرص والمتابعة المستمرة مفتاح الأمان بعد العلاج.
المصادر
Breast sarcoma – a review of diagnosis and management – sciencedirect
مهتم بصحتك؟
تابع أحدث المقالات، هذه مقالة طبية ولا تغنيك عن استشارة الطبيب، يمكنك الحجز مع افضل الاطباء في المملكة.
احجز موعدأيضا