

مرض تصلب الشرايين من أبرز الأمراض المزمنة التي تواجه الإنسان في العصر الحديث، حيث يؤثر على شرايين القلب وجميع الأعضاء الحيوية بالجسم؛ يحدث تصلب الشرايين نتيجة تراكم الرواسب الدهنية على جدران الشرايين، مما يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة.
وحرصا من فريق القلب والشرايين في مستشفيات الموسى على توعية المرضى والمجتمع بأعراض هذا المرض وطرق الوقاية منه؛ نقدم لكم هذا المقال.
ما هو مرض تصلب الشرايين؟
مرض تصلب الشرايين (التصلب العصيدي) هو تراكم تدريجي للكوليسترول والدهون (اللويحات) على البطانة الداخلية للشرايين. مع مرور السنوات، تتحول هذه اللويحات إلى ترسبات صلبة تزيد من سمك الشريان وتقليل مرونته. هذا التضييق يجعل تدفق الدم والأكسجين إلى الأعضاء والأنسجة محدودًا، مما قد يؤثر سلبًا على عملها ويعرض حياة الشخص للخطر.
تتكون اللويحات أيضًا من الكالسيوم وخلايا ميتة، مما يزيد من صلابة الشريان وقابليته للكسر أو التمزق؛ ومع تقدم المرض وازدياد حجم اللويحات، قد تنفصل أجزاء من الطبقة الليفية المغطية للويحات أو تتكسر، مما يؤدي إلى تكوين جلطات دموية داخل الشريان. هذه الجلطات يمكن أن تسبب انسدادات مفاجئة مع أعراض خطيرة مثل النوبة القلبية أو السكتة الدماغية.

مولدة بالذكاء الاصطناعي
الأسباب والعوامل المساعدة لحدوث مرض تصلب الشرايين
غالبًا يبدأ المرض بتضرر البطانة الداخلية للشريان (الطبقة الأولى) نتيجة عوامل مختلفة، مما يسمح بتسرب الدهون والكوليسترول إلى جدار الشريان. قد ينجم هذا التلف عن ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم، أو الضغط الشرياني المرتفع، أو السموم الناتجة عن التدخين. يتشكل بعدها شريط دهني (اللويحة) في موضع التلف، وتستمر العملية عبر سنوات دون أعراض واضحة. من أهم عوامل الخطر التي تزيد احتمالات الإصابة بتصلب الشرايين:
- ارتفاع الكوليسترول الضار (LDL):
يؤدي تراكم مستويات عالية من الكوليسترول في الدم إلى ترسب الدهون على جدران الشرايين.
- ارتفاع ضغط الدم:
يسبب الضغط المزمن في الأوعية ضعفًا وتضررًا في جدار الشريان، مما يسرع تكون اللويحات.
- مرض السكري:
تؤدي مستويات السكر المرتفعة في الدم إلى تضرر الأوعية الدموية ويزيد من ترسب المواد الدهنية.
- التدخين وتعاطي التبغ:
السموم الناتجة من التدخين تضعف جدار الشريان وتسرع من عملية التصلب.
- السمنة وقلة النشاط البدني:
تزيد زيادة الوزن وقلة الحركة من خطر ارتفاع الكوليسترول وضغط الدم، وبالتالي خطر التصلب الشرياني.
- النظام الغذائي غير الصحي:
الإكثار من تناول الدهون المشبعة والسكريات والملح يُعدّ عامل خطر مهمّ، لأنه يرفع مستوى الدهون الضارة في الدم.
- العوامل الوراثية والعمر:
يعتبر العمر المتقدم والتاريخ العائلي لأمراض القلب من العوامل التي ترفع الاحتمال حتى مع السيطرة على العوامل الأخرى.
اقرأ ايضاً: علاج انسداد شرايين القلب.. الأنواع والأعراض وتغيرات الحياة
ما هي أعراض مرض تصلب الشرايين؟
يُطلق على تصلب الشرايين أحيانًا اسم “المرض الصامت” لأن أعراضه لا تظهر في البداية، وقد يكتشفه الطبيب فقط عند تفاقم الحالة. ومع ذلك قد يشعر البعض في المراحل الأولى بتعب عام أو ضيق تنفس خفيف عند بذل مجهود غير معتاد. غير أن مع زيادة تراكم اللويحات وتضيق الشرايين تدريجيًا، تبدأ تظهر أعراض مرتبطة بانخفاض تدفق الدم في المناطق المتأثرة. في بعض الأحيان تكون أول علامة هي عرض طارئ حاد مثل نوبة قلبية أو سكتة دماغية. ومن أمثلة الأعراض التي قد يعانيها المريض:
- ذبحة صدرية (ألم في الصدر):
يشعر المريض بثقل أو ألم في الصدر عند بذل مجهود أو التعرض للتوتر، وقد يترافق مع ضيق في التنفس. إذا ازداد التضييق أو انغلقت الشرايين فجأة، قد يحدث احتشاء في عضلة القلب (نوبة قلبية) يتسبب بألم شديد وفقدان الوعي.
- أعراض في الأطراف (مرض الشريان المحيطي):
ألم أو تشنج في الساقين أو الذراعين خاصة أثناء المشي أو الجري، وقد يصاحب ذلك برودة أو تنميل في الأطراف. في الحالات المتقدمة قد تظهر تقرحات أو صعوبة في التئام الجروح في القدمين.
- أعراض في المخ (السكتة الدماغية أو ما قبلها):
صداع مفاجئ شديد، دوار أو خفة في الرأس، وتنميل أو خمول في جانب واحد من الجسم أو الوجه. قد يشعر المريض أيضًا بصعوبة في الكلام أو الرؤية، وهذه علامات تحذيرية لسكتة دماغية.
- أعراض الكلى:
تقتصر عادة على ارتفاع ضغط الدم الذي يصعب السيطرة عليه بشكل ملحوظ، وقد ينتج عنه تورم وانتفاخ في الجسم أو الشعور بالتعب العام.

مولدة بالذكاء الاصطناعي
أدوات تشخيص مرض تصلب الشرايين
يوفر قسم القلب المتقدم في مستشفيات الموسى، أجهزة تصوير متطورة تساعد في اكتشاف أماكن التضييق وتقييم شدتها بدقة. ويبدأ الطبيب تشخيصه بسؤال المريض عن الأعراض وعوامل الخطر (مثل التدخين والسكري) وفحص العلامات الحيوية كالضغط ونبض القلب. بعد ذلك، قد يتطلب الأمر إجراء تحاليل دم لقياس مستويات الكوليسترول والدهون الثلاثية والسكر؛ هناك عدة فحوصات أخرى لتأكيد التشخيص، منها:
- مخطط القلب الكهربائي:
يسجل النشاط الكهربائي للقلب، ويمكنه كشف التلف الناتج عن أزمة قلبية أو ضغط زائد على عضلة القلب.
- تخطيط صدى القلب:
صور بالأمواج فوق الصوتية لغرف القلب والصمامات، يُقيّم قوة ضخ القلب والأماكن التي ينقص فيها الدم.
- اختبار الجهد الرياضي:
يقيس أداء القلب أثناء ممارسة التمارين، وقد يُجرى على جهاز المشي أو الدراجة.
- تصوير الأوعية الدموية بالأشعة (القسطرة التشخيصية):
يتم فيها حقن صبغة خاصة في الشريان التاجي أو الشرايين الطرفية، ويستخدم جهاز أشعة سينية لتصوير أماكن التضييق بدقة.
- التصوير المقطعي المحوسب للشرايين:
يستخدم لقياس مقدار الترسبات الكلسية (مؤشر الصفائح الكلسية) في الشرايين التاجية، مما يساعد على الكشف المبكر عن التصلب.
- الموجات فوق الصوتية للشريان السباتي:
تساعد في تقييم سرعة تدفق الدم عبر شرايين الرقبة الرئيسية التي تغذي الدماغ.
- اختبار مؤشر كاحل-عضد:
يقارن ضغط الدم عند الكاحل بضغط الدم في الذراع، للكشف عن وجود تضييق في شرايين الساق.
اقرأ ايضاً: ما هى أعراض أمراض القلب؟
ما هي مضاعفات تصلب الشرايين؟
إذا لم يخضع المريض للعلاج المناسب والتحكم في عوامل الخطر، قد تؤدي رواسب اللويحات إلى مضاعفات خطيرة؛ من بين المضاعفات الشائعة:
- النوبة القلبية (احتشاء عضلة القلب):
يحدث عند انسداد شريان تاجي يغذي القلب بالكامل، مما يتسبب في موت جزء من عضلة القلب وفقدان وظيفتها.
- السكتة الدماغية:
قد يؤدي انسداد شريان في المخ إلى نقص إمداد الدماغ بالأكسجين، مما يسبب تلفًا مفاجئًا في خلايا الدماغ مع أعراض مثل شلل نصفي أو صعوبة في الكلام والرؤية.
- تضخم وتمدد الشريان (Aneurysm):
تراكم اللويحات يمكن أن يضعف جدار الشريان مع الوقت، فيؤدي إلى انتفاخه وتمدد يشبه الكيس، وقد ينفجر هذا التمدد بشكل مفاجئ مسبّبًا نزيفًا داخليًا حادًا.
- مرض الشريان المحيطي:
نقص تدفق الدم إلى الأطراف قد ينتج عنه ألم في الساقين أو الذراعين عند المشي أو بذل مجهود، وقد تتطور تقرحات في الجلد وفي الحالات المتقدمة قد يصل الأمر إلى البتر.
- قصور الكلى المزمن:
تضيق الشريان الكلوي يسبب ارتفاعًا مستمرًا في ضغط الدم وقد يؤدي إلى ضعف وظائف الكلى وفقدانها جزئيًا.
- مضاعفات قلبية أخرى:
كفشل القلب الاحتقاني الذي يحدث عندما لا يتمكن القلب من ضخ الدم بشكل كافٍ، واضطرابات نظم القلب نتيجة نقص التروية.

مولدة بالذكاء الاصطناعي
ما علاج تصلب الشرايين
يعتمد علاج تصلب الشرايين على شدة الحالة الصحية للمريض وعوامل الخطر المصاحبة. عموماً يشمل العلاج ثلاث ركائز رئيسية:
العلاج الدوائي:
يهدف إلى التحكم بالعوامل المساهمة في التصلب. من أبرز الأدوية المستخدمة:
- خافضات الكوليسترول (مثل الستاتينات ومثبطات PCSK9):
تساعد هذه الأدوية في خفض مستوى الكوليسترول الضار في الدم بشكل كبير، وبالتالي تقليل نمو اللويحات.
- أدوية ضغط الدم:
يصف الأطباء أدوية مثل محصرات بيتا ومثبطات الإنزيم المحول ACE وغيرها للتحكم في ضغط الدم المرتفع، مما يقلل الضغط على جدار الأوعية.
- الأدوية المضادة للتخثر وتجلط الدم:
مثل الأسبرين بجرعات منخفضة أو أدوية أخرى لتقليل تجمع الصفائح الدموية، وبالتالي منع تشكل جلطات مفاجئة.
- علاج السكري:
في حال وجود مرض سكري، تُعطى أدوية لتنظيم السكر (مثل الميتفورمين) للحفاظ على مستويات سليمة ومنع تلف الأوعية.
- أدوية أخرى:
قد يصف الطبيب أدوية إضافية مثل النترات لتوسيع الشرايين وتخفيف ألم الذبحة الصدرية المؤقتة.
الإجراءات الجراحية والتداخلية:
في الحالات التي يصبح فيها الشريان مسدودًا بشدة، قد تكون الحاجة إلى تدخل لتوسيع الوعاء الدموي:
- توسيع الشريان بالدعامات (القسطرة التداخلية):
يتم إدخال أنبوب رفيع إلى الشريان الضيق ثم نفخ بالون صغير وتثبيت دعامة (stent) لإبقائه مفتوحًا.
- جراحة المجازة القلبية (Bypass):
في حالة الانسدادات الكبيرة والمتعددة، يقوم الجراح بتجاوز الجزء الضيق من خلال استخدام شريان أو وريد آخر كممر بديل يوصّل الدم للعضلة.
- إجراءات متقدمة أخرى:
مثل استئصال اللويحة (Atherectomy) أو استخدام البالون ذو الشفرات لتهشيم اللويحات من جدار الشريان.
تعديل نمط الحياة:
يمثل التغيير الجذري في العادات الصحية ركيزة مهمة في الوقاية والعلاج:
- اتباع نظام غذائي متوازن وصحي غني بالخضروات والفواكه والحبوب الكاملة، وقليل بالدهون المشبعة والملح والسكريات.
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام (مثل المشي أو السباحة لمدة 30 دقيقة يوميًا على الأقل).
- الحفاظ على وزن صحي وتجنب السمنة.
- الإقلاع التام عن التدخين وتجنب التدخين السلبي.
- التقليل من التوتر النفسي من خلال تقنيات الاسترخاء والنوم الكافي.
- تجنب الكحول: التقليل من شرب المشروبات الكحولية التي قد تؤثر سلبًا على صحة القلب والشرايين.
- تناول دهون صحية: مثل الأسماك الدهنية والزيوت النباتية (كزيت الزيتون) التي تحتوي على أحماض دهنية مفيدة تعزز صحة الأوعية الدموية.

مولدة بالذكاء الاصطناعي
التطورات الحديثة في فهم المرض وعلاجه
تتقدم الأبحاث الطبية باستمرار في مجال أمراض الأوعية الدموية، وقد شهدنا في السنوات الأخيرة عدة اكتشافات جديدة بشأن تصلب الشرايين:
- أدوية حديثة لخفض الكوليسترول:
ظهرت أدوية متطورة مثل مثبطات PCSK9 التي تعطى بالحقن وتقلل مستويات الكوليسترول الضار بشكل كبير. وكذلك عقار (Inclisiran) الذي يؤخذ على شكل حقنة نصف سنوية لتقليل الكوليسترول.
- استهداف الالتهاب:
أدرك العلماء أن الالتهابات المزمنة في الشرايين تلعب دورًا مهمًا في نمو اللويحات. ولذلك تُجرى اليوم تجارب على أدوية تهاجم الالتهاب (مثل الكولشيسين وأدوية مناعية جديدة) للمساهمة في علاج التصلب.
- العلاج الجيني والتقنيات النانوية:
تطوّرت تجارب تعديل جيني في المختبر لتغيير جينات مرتبطة بالكوليسترول عبر تقنيات حديثة مثل كريسبر (CRISPR)، بالإضافة إلى دراسة استخدام جزيئات نانوية لنقل الأدوية مباشرة إلى أماكن اللويحات.
- التصوير المبكر والتنبؤ بالمخاطر:
تستخدم المستشفيات اليوم تقنيات تصوير متقدمة (مثل قياس التكلسات الشريانية بالصورة المقطعية) لرصد التصلب قبل أن تظهر أعراضه. كما تُجرى أبحاث على مؤشرات حيوية في الدم للتنبؤ المبكر بالخطر.
- الدراسات الجينية:
يواصل العلماء دراسة العوامل الوراثية المحددة التي تزيد من خطر تصلب الشرايين. قد تمهّد هذه الأبحاث الطريق في المستقبل لعلاجات مخصصة تستهدف عوامل الخطر الوراثية لكل مريض.
- بحوث مستقبلية:
أُجريت تجارب مخبرية على مركبات جديدة أثبتت فعالية في منع تكوّن اللويحات في الحيوانات، ما يفتح المجال لعلاجات ثورية مستقبلية. وهذا مثال على التقدم المستمر في تطوير علاجات مبتكرة لتصلب الشرايين.
اقرأ ايضاً: دليلك لفهم تمدد الشريان الأورطي البطني وعلاجه
الأسئلة الشائعة
فيما يلي أبرز الأسئلة المتعلقة بمرض تصلب الشرايين:
هل يمكن شفاء تصلب الشرايين نهائيًا وعلاج اللويحات؟
لا يمكن شفاء المرض نهائيًا، لكن يمكن إبطاء تقدمه بالعلاج الدوائي وضبط الكوليسترول والضغط والسكر مع اتباع نمط حياة صحي.
هل تصلب الشرايين هو الجلطة؟
تصلب الشرايين ليس جلطة، بل هو تضيق في الشرايين نتيجة تراكم الدهون. وقد يؤدي هذا التضيق لاحقًا إلى تكوّن جلطة عندما يُغلق الشريان تمامًا بسبب تخثر الدم.
هل الحمية الغذائية وحدها تكفي لعلاج مرض تصلب الشرايين؟
الحمية الصحية ضرورية لكنها لا تكفي وحدها، خاصة في الحالات المتقدمة؛ إذ تتطلب الأدوية والمتابعة الطبية المنتظمة.
هل يعتبر المرض وراثيًا، وهل يمكن أن يصاب به الشباب؟
العوامل الوراثية ترفع خطر الإصابة، لكن التدخين والسكري والسمنة قد تصيب الشباب أيضًا، لذا الوقاية المبكرة ضرورية.
هل يمكن اكتشاف التصلب قبل ظهور الأعراض؟
نعم، يمكن اكتشافه مبكرًا عبر الفحوصات الدورية مثل الموجات فوق الصوتية أو قياس تكلس الشرايين قبل ظهور الأعراض.
ما دور الالتهاب في مرض تصلب الشرايين؟
الالتهاب المزمن يسرّع تراكم الدهون في الشرايين، وتُجرى أبحاث حالية على أدوية مضادة للالتهاب كعلاج مساعد.
الخاتمة
يُعد مرض تصلب الشرايين من الأمراض التي يمكن السيطرة عليها بالوعي والفحص المبكر واتباع نمط حياة صحي. بفضل التقدم الطبي الحديث، أصبح العلاج أكثر دقة وفعالية للحفاظ على صحة القلب والشرايين. ينصح بالالتزام بخطة الطبيب ومتابعة الفحوصات الدورية للوقاية من المضاعفات.
لمزيد من الاستشارات والعناية القلبية المتخصصة، يمكنكم التواصل مع مستشفيات الموسى للحصول على رعاية طبية متكاملة.
مهتم بصحتك؟
تابع أحدث المقالات، هذه مقالة طبية ولا تغنيك عن استشارة الطبيب، يمكنك الحجز مع افضل الاطباء في المملكة.
احجز موعدأيضا