برنامج علاج السكتة الدماغية
تشكل اللحظات الأولى بهد الإصابة بالسكتة الدماغية اللحظات الفارقة والمهمة في حياة المريض، ووعيه بأهمية معرفة التشخيص الدقيق وعلاجه السريع هو سلاحه الأقوى في مواجهة هذا المرض، وإلا قد تنتصر السكتة الدماغية عليه مؤديةً إلى مضاعفات قد تستمر معه مدى الحياة.
نحن في برنامج السكتة الدماغية في مستشفى الموسى التخصصي نهتم بهذه اللحظات الفارقة ونعطيها اهتمامنا الأكبر، منذ اللحظات الأولى لدخوله في قسم الطوارئ أو باقي الأقسام المتعلقة بالسكتة الدماغية، مرورًا بقسم الأمراض العصبية وجراحة الأعصاب والأوعية الدموية، وصولًا إلى المراحل النهائية من العلاج الطبيعي وإعادة التأهيل والعناية بالصحة النفسية، والمتابعة الدقيقة والمستمرة للمريض، وتقديم النصائح الطبية لمن أصيب بالسكتة الدماغية من قبل، سعيًا للوصول إلى إدارة كاملةٍ شاملةٍ متقنةٍ للسكتة الدماغية وأعراضها.
كيف يمكن علاج السكتة الدماغية ؟
إنَّ السكتة الدماغية حالة تصف انقطاع الإمداد الدموي عن جزء من الدماغ، وهي حالة مرضية طارئة ربما تُهدد حياة من يُصاب بها، وكلما أسرع الأشخاص المُحيطين بالمُصاب في الاتصال بالإسعاف أو الذهاب إلى قسم الطوارئ في المستشفى، قلت المضاعفات المُحتملة مثل تلف الدماغ أو فقدان الحياة.
تُرى ما هي كيفية علاج السكتة الدماغية ؟ وما أسباب الإصابة بها من الأساس؟ وهل يمكن تصنيف السكتات الدماغية إلى عدة أنواع؟ عزيزي القارئ سوف نُجيبك على جميع تلك الأسئلة وأكثر ضمن إطار هذا المقال.
اسباب السكتة الدماغية وعوامل خطر الإصابة بها
تُعد السكتات الدماغية السبب الخامس للوفاة حول العالم بحسب إحصائيات المركز الأمريكي لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC)، وهي حالة خَطرة لأنها تتسبب في انقطاع الأكسجين والدم عن أنسجة المخ، مما قد يتسبب في مضاعفات طارئة قد تصل إلى الوفاة.
هناك بعض عوامل الخطر التي ترفع احتمالية الإصابة بالسكتات الدماغية، وتشمل:
- التدخين بشراهة.
- الإفراط في شرب الكحول.
- الإصابة بأمراض الشرايين.
- عدم السيطرة على مستويات ضغط الدم وسكر الجلوكوز في الدم.
- وجود تاريخ عائلي قوي بالإصابة بالجلطات والسكتات الدماغية.
اعراض السكتة الدماغية
تؤدي قلة التروية (قلة تدفق الدم) إلى إتلاف خلايا الدماغ وأنسجته، وغالبًا ما تظهر اعراض السكتة الدماغية على أجزاء الجسم الواقعة تحت سيطرة المنطقة المتضررة من الدماغ.
سرعة الحصول على الرعاية الطبية عند الإصابة بـ السكتة الدماغية يُساعد على الوقاية من المضاعفات، لذا ينبغي للجميع معرفة اعراض السكتة الدماغية ليتمكنوا من إنقاذ حياة غيرهم في الوقت المناسب، وتشمل تلك الأعراض:
- الشعور بالخدر أو الضعف في الذراع أو الساق أو الوجه، وغالبًا ما يكون شعور الضعف أو الخدر في جانب واحد من الجسم.
- اضطرابات في النطق ووجود صعوبة في فهم كلام الآخرين.
- انخفاض مستوى الرؤية في إحدى العينين أو كلتيهما، مع احتمالية الإصابة بازدواج الرؤية.
- فقدان الاتزان أثناء الحركة.
- الإصابة بصداع مفاجئ وعنيف دون سببٍ ملحوظ، وقد يُصاحبه قيء أو دوخة شديدة، وربما يصل الأمر إلى فقدان الوعي.
عند ملاحظة أي من تلك الأعراض على أحد الأشخاص من حولك، لا تتردد قط في الإتصال على رقم الإسعاف الموحد بالمملكة العربية السعودية “997” لتلقي الرعاية الطبية اللازمة و علاج السكتة الدماغية في الوقت المناسب.
مضاعفات السكتة الدماغية
من الضروري علاج السكتة الدماغية في أسرع وقت ممكن قبل حدوث أي من المضاعفات الآتية:
- تلف الدماغ.
- الإصابة بالشلل الكامل.
- الوفاة.
انواع السكتة الدماغية
يمكن تصنيف السكتة الدماغية إلى الأنواع الآتية:
1- السكتة الدماغية الإقفارية أو الانسدادية (Ischemic Stroke)
يُمثل هذا النوع حوالي 85% من إجمالي عدد الحالات المصابة بـ السكتة الدماغية، لذا فهي النوع الأكثر شيوعًا.
يُصاب الأشخاص بـ السكتة الدماغية الإقفارية (أو الانسدادية) بسبب انسداد الأوعية الدموية التي تُغذي الدماغ بالدم والأكسجين والمواد المُغذية، وعندما ينخفض مستوى الأكسجين الوارد إلى المخ فإن أنسجته وخلاياه تموت خلال دقائق معدودة.
ملحوظة: تتعرض الأوعية الدموية التي تُغذي المخ للانسداد نتيجة لسببين، وهما:
- تكوُّن الجلطات الدموية.
- ترسُّب طبقات الدهون والكوليسترول داخل الأوعية الدموية.
2- السكتة الدماغية النزفية (Hemorrhagic Stroke)
تنتج السكتة الدماغية النزفية عن حدوث نزيف دموي داخل الدماغ، فعندما يرتفع ضغط الدم داخل الأوعية الدموية تتمدد جدرانها وتضعف.
وعندما يتمدد جدار الأوعية الدموية، فإنه يُصبح ضعيفًا، وهو ما يؤدي إلى تمزقه أو انفجاره، فيتسرب الدم خارجه ويحدث النزيف الدموي داخل المخ.
مثال بسيط للتوضيح: عندما يملتئ البالون بالهواء فإنَّ جداره يتمدد ويُصبح رقيقًا، وعندما يزداد الضغط داخله ينفجر.. هذا تمامًا ما يحدث عند تمدد جدران الأوعية الدموية.
يمكن تصنيف السكتة الدماغية النزفية إلى نوعين وفقًا لمكان حدوث النزيف، وذلك على النحو الأتي:
- نزيف داخل المخ (Intracerebral hemorrhage): هو أشهر أنواع السكتة الدماغية النزفية، ويُصيب الأشخاص نتيجةً لانفجار أحد الشرايين الموجودة في الدماغ وتسرب الدم إلى الأنسجة المحيطة.
- نزيف تحت العنكبوتية (Subarachnoid hemorrhage): في هذا النوع من السكتات الدماغية النزفية، يحدث النزيف في المنطقة الواقعة بين المخ والأنسجة الرقيقة التي تُغطيه.
إذا دققنا النظر في الفقرات السابقة سنجد أن هناك علامات تحذيرية متعددة تدل على الإصابة بـ السكتة الدماغية، كما أنَّ السكتات الدماغية مُصنفة إلى أنواع عديدة، فتُرى كيف يُمكن تشخيص مشكلة السكتة الدماغية؟ وما هي أفضل الطرق الفعالة في علاج السكتة الدماغية ؟ لنتابع القراءة.
تشخيص السكتة الدماغية
يشمل تشخيص السكتة الدماغية عدة اختبارات، لعلَّ أبرزها:
الفحص السريري
يُجري الطبيب بعض الفحوصات السريرية كالاستماع إلى ضربات القلب بالسماعة الطبية وقياس مستوى ضغط الدم، ذلك إلى جانب سؤال المريض عن الأعراض التي يُعانيها.
اختبارات الدم الشاملة
يطلب الطبيب إجراء تحليل شامل للدم لتحديد مستوى السكر والكوليسترول فيه، بالإضافة إلى تحديد سرعة تجلط الدم.
الاختبارات التصويرية للدماغ
إذا كانت أعراض السكتة الدماغية واضحة للغاية على المريض، فهذا لا ينفي أهمية إجراء الاختبارت التصويرية التي تُجرى على الدماغ، فتلك الفحوصات تساعد على تحديد:
- نوع السكتة الدماغية؛ ما إذا كانت ناتجة عن انسداد في الشرايين (السكتة الدماغية الإقفارية) أم ناتجة عن انفجار الأوعية الدموية (السكتة الدماغية النزفية).
- تحديد الجزء المتضرر من الدماغ ومقدار الضرر الواقع على ذلك الجزء لتصنيف شدة السكتة الدماغية.
تشمل الاختبارات التصويرية التي تُجرى للحصول على صورة مفصلة للدماغ:
- الفحص بالتصوير المقطعي المحوسب (CT scan)
- التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI).
تُعطي جميع تلك الاختبارات نتائجًا دقيقة تساعد الطبيب على تحديد مكان الضرر الواقع على أجزاء الدماغ، ومن ثمَّ بدء رحلة علاج السكتة الدماغية بالطريقة المناسبة وفقًا لنوع السكتة الدماغية ونتائج الفحوصات.
كيفية علاج الجلطة الدماغية
يعتمد علاج السكتة الدماغية على تحديد المسبب الرئيس لها، وهو إما حدوث جلطة دموية أدت إلى انسداد شرايين الدماغ، أو حدوث نزيف مخي ناتج عن تمدد الأوعية الدموية وانفجارها.
إذا كانت السكتة الدماغية إقفارية (ناتجة عن جلطة دماغية)، فإن علاجها يتمثل في الآتي:
استخدام الأدوية المذيبة للجلطات
لأن السكتة الدماغية حالة طارئة كما سبق وذكرنا، ينبغي بدء العلاج على الفور من خلال الحقن الوريدي باستخدام الأدوية المذيبة للجلطات، وذلك لتفتيت الجلطات الدماغية واستعادة كفاءة تدفق الدم والأكسجين إلى الدماغ.
تنبيه:
- ينبغي بدء العلاج فورًا بعد ظهور الأعراض، فكلما كان العلاج مبكرًا زادت فرص المريض في النجاة من مضاعفات السكتة الدماغية.
- من الضروري إجراء فحوصات تصويرية على الدماغ للتأكد من أن السكتة الدماغية سببها انسداد وعائي بالفعل.
استئصال الجلطة الدماغية
يمكن علاج السكتة الدماغية الناتجة عن الجلطات الدموية من خلال استئصال الجلطة من الوعاء الدموي المسدود.
إليك بعض المعلومات عن طريقة علاج الجلطات الدماغية من خلال الاستئصال:
- يلجأ الأطباء إلى هذه الطريقة لإزالة الجلطات الدموية في حالات السكتات الدماغية الإقفارية الشديدة، لا سيما إذا كانت الجلطة في شريان كبير في الدماغ.
- يُساعد استئصال الجلطات على إعادة تدفق الدم والأكسجين إلى الدماغ بالكمية الطبيعية.
- تتضمن عملية استئصال الجلطات إدخال قسطرة شريانية عن طريق أحد الأوعية الدموية الموجودة في الفخذ، ومن ثمَّ الوصول إلى الشريان المُصاب في الدماغ لإزالة الجلطة عبر جهاز مُخصص.
- تُجرى تلك العملية تحت تأثير المخدر العام أو الموضعي بحسب حالة المريض.
هل يمكن علاج الجلطة الدماغية نهائيًا ؟
تُساعد الأدوية المذيبة للجلطات على علاج الجلطة الدماغية نهائيًا ، فهي تعمل على التخلص من السبب الأساسي للسكتة الدماغية، ألا وهو الانسداد الشرياني.
بالإضافة إلى ما سبق، لا تقتصر مميزات مذيبات الجلطات على علاج الجلطة الدماغية نهائيًا فحسب، بل إنها تزيد من فرص نجاة الشخص من مضاعفات السكتة الدماغية، لا سيما إذا حصل على العلاج في غضون 3 ساعات إلى 4 ساعات والنصف من الوقت الذي بدأ فيه ظهور أعراض السكتة الدماغية.
كم مدة علاج الجلطة الدماغية؟
لا يمكن إعطاء إجابة حاسمة فيما يخص مدة علاج السكتة الدماغية الناتجة عن الجلطات، وقد يحتاج بعض المرضى إلى إعادة التأهيل بعد تلقي العلاج في الطوارئ من خلال الإقامة في المستشفى تحت الرعاية الطبية لمدة تتراوح ما بين خمسة إلى سبعة أيام.
علاج الجلطة الدماغية العابرة
الجلطة الدماغية العابرة (Transient Ischemic Attack (TIA هي أحد أنواع السكتة الدماغية
الإقفارية، ويتصف هذا النوع بقِصَر مدته -كما يتضح لنا من لفظ “عابرة”- فإنَّ مدة أعراض هذه الجلطة لا تتعدى الـ 5 دقائق تقريبًا.
قبل التعرف على أساليب علاج الجلطة الدماغية الخفيفة أو العابرة، عليك بمعرفة بعض المعلومات:
- إنَّ الجلطة الدماغية العابرة (TIA) علامة تحذيرية تدل على احتمالية حدوث سكتة دماغية في المستقبل، فتشير الإحصائيات إلى أن ما يقرب من 10% إلى 15% من المصابين بجلطة دماغية عابرة يُصابون بسكتة دماغية في غضون ما بين ثلاثة أشهر إلى عام تقريبًا.
- السكتة الدماغية العابرة تتطلب الحصول على رعاية طبية عاجلة تمامًا كالسكتة الدماغية الإقفارية العادية.
- إنَّ علاج الجلطة الدماغية الخفيفة (العابرة) في الوقت المناسب يُساعد على الوقاية من الإصابة بالسكتات الدماغية الإقفارية في المستقبل.
يشمل علاج الجلطة الدماغية الخفيفة استخدام مذيبات الجلطات عبر الوريد، وتزداد فعالية العلاج كلما بدأ في أقرب وقت بعد بدء ظهور علامات الجلطة الدماغية.
برنامج علاج السكتة الدماغية في مستشفى الموسى
غالبًا ما يحتاج المرضى إلى برنامج تأهيلي بعد تعافيهم من السبب الأساسي للسكتة الدماغية، فقد تؤثر السكتة الدماغية على كفاءة النطق أو الحركة، لذلك يوفر مستشفى الموسى التخصصي برنامجًا متكاملًا لدعم المتعافين من السكتة الدماغية بكافة الخدمات التأهيلية تحت إشراف نخبة من الأطباء المتخصصين والمُدربين.
تشمل خدمات البرنامج المتابعة الطبية المستمرة للمرضى، وبرامج التخاطب لعلاج صعوبة الكلام، إلى جانب خدمات العلاج الطبيعي والتأهيل الحركي.