يتساءل الكثير من الناس حول أسباب ألم أسفل الظهر، هل هو نتيجة طبيعية للإجهاد اليومي أم أنه يستدعي استشارة الطبيب؟ يكمن في فهم أسباب هذه المشكلة أهمية كبيرة لتفاديها والوقاية منها بشكل فعّال. في هذا السياق، نناقش أبرز العوامل الرئيسية التي تلعب دورًا في ظهور هذا الألم.
ما أسباب ألم أسفل الظهر؟
قبل أن نتناول أسباب ألم أسفل الظهر، يتعين علينا أن نكون على دراية أساسية بتشريح الظهر السفلي.
تتكون المنطقة القطنية (أسفل الظهر) من خمس فقرات عظمية، ومجموعة من الأقراص الصغيرة (ديسكات Discs) التي تقع بين كل فقرة والأخرى، وتعمل على امتصاص الصدمات للحفاظ على عظام العمود الفقري، بالإضافة إلى العضلات، والأربطة، والأعصاب.
تعمل هذه الهياكل معًا لدعم الجسم العلوي، وتيسير الحركة، وحماية الحبل الشوكي. عندما تتعرض أي منها لضرر أو أذية، تتطور آلام في أسفل الظهر.
تتراوح شدة الألم بناءً على الأسباب وشدة الضرر الحاصل، من ألم خفيف إلى إحساس حاد ومؤثر في الحياة اليومية، وقد يترافق مع صلابة العضلات، وتقييد في الحركة، أو ينتقل إلى الساقين.
ترتبط عوامل مختلفة بإحداث آلام أسفل الظهر، بما في ذلك:
- شد وإجهاد العضلات أو الأربطة، نتيجة رفع أشياء ثقيلة أو إجراء حركات مفاجئة.
- عوامل نمط الحياة، مثل: السمنة ومستويات النشاط البدني الضئيلة، الوضعيات الخاطئة في الجلوس المطول التي تساهم في آلام الظهر بوضوح.
- هشاشة العظام، وحدوث ضعف أو كسور في الفقرات.
- التهاب المفاصل في العمود الفقري، وخاصة مع وجود هشاشة العظام، هو سبب شائع لآلام أسفل الظهر بسبب التدهور البطيء لمفاصل العمود الفقري مع مرور الوقت.
- الأقراص المنتفخة أو الممزقة، إذ يحدث الألم نتيجة ضغط المادة اللينة الموجودة داخل القرص على العصب.
- المشكلات الهيكلية، تساهم المشكلات الميكانيكية أو البنيوية في العمود الفقري في آلام أسفل الظهر، وهذا يشمل حالات، مثل الالتواء، والإجهاد، وأمراض العظام التنكسية.
يمكن أيضًا أن تكون آلام أسفل الظهر مرتبطة بحالات طبية مختلفة، مثل الألم العضلي الليفي، وحصوات الكلى أو الالتهابات، وبطانة الرحم، والالتهابات التي تشمل عظام العمود الفقري أو الأقراص، وفي حالات نادرة، وجود الأورام في العمود الفقري.
إن ما ذكرنا هو أبرز الأسباب، علماً أنه قد تجتمع عدة عوامل سوياً لدى الفرد لإحداث حالة الألم المزمن، ويبقى لكل حالة فردية أسبابها المحددة.
هل ألم أسفل الظهر له علاقة بالكلى؟
تلعب الكلى دورًا حيويًا في تصفية الدم والحفاظ على توازن السوائل في الجسم، وبينما لا تتسبب الكلى مباشرة في ألم الظهر السفلي، يمكن أن تسهم بعض العوامل المتعلقة بها في ظهور هذه الآلام، ومنها:
- التهاب الكلى: عندما إصابة الكلى بالعدوى ، تظهر أعراضاً عامة، ومنها آلام في منطقة الكلى وأسفل الظهر، بالإضافة إلى بعض الأعراض الأخرى، مثل: الحمى والتبول المتكرر ووجود دم في البول.
- حصوات الكلى: تتشكل هذه الرواسب الصلبة في الكلى ويمكن أن تسبب آلامًا حادة في أثناء مرورها عبر المسالك البولية. يصف المرضى الألم بأنه شديد ومتقطع، يبدأ من أسفل الظهر إلى منطقة الحوض.
من المهم أن نلاحظ أن آلام الظهر المتعلقة بالكلى عادةً ما تكون مصاحبة لأعراض أخرى، لذا من الضروري مناقشة الأعراض كاملة مع الطبيب المختص؛ للحصول على تشخيص دقيق.
أسباب ألم أسفل الظهر للنساء
قد تواجه النساء آلامًا في أسفل الظهر نتيجة لعدة عوامل، بما في ذلك التغيرات الهرمونية، والحمل، والحالات النسائية الأخرى، مثل التهاب الغشاء البطاني، والورم الليفي، وكيسات المبيض، التي قد تؤدي إلى التهاب، وضغط على الهياكل المحيطة، أو تهيج الأعصاب.
كما يمكن أن يسهم الرحم، على وجه الخصوص، في ألم الظهر السفلي بعدة طرق.
هل ألم أسفل الظهر له علاقة بالرحم؟
في أثناء الحيض، يقوم الرحم بانقباضات للتخلص من بطانة الرحم المتمزقة، وقد تتسبب هذه التقلصات في شعور بالألم والتشنج في أسفل الظهر والبطن.
قد تشعر بعض النساء أيضًا بآلام في الظهر في أثناء مرحلة التبويض، الذي يحدث في منتصف الدورة الشهرية.
الحمل هو سبب آخر شائع لآلام الظهر السفلي لدى النساء. مع نمو الجنين، والوزن الإضافي في رحم الأم يحدث إجهاداً على فقرات أسفل الظهر، كما أن التغييرات الهرمونية في أثناء الحمل قد تسبب أيضًا فقدان مرونة الأربطة، مما يزيد من الشعور بعدم الراحة في الظهر.
إذا كنتِ تعانين من آلام أسفل الظهر المستمرة أو الحادة، فإنه من المهم مراجعة طبيبكِ؛ لتحديد السبب الكامن وتلقي العلاج اللازم.
ما هي الأمراض التي تسبب ألم في الظهر؟
تتعلق بعض أسباب ألم أسفل الظهر بحالات مرضية في العمود الفقري نفسه أو بأعضاء وأنسجة أخرى في الجسم، ومنها:
- التهاب المفاصل التنكسي (Osteoarthritis)، وهو مرض تآكلي يصيب عادة العمود الفقري. يحدث عندما يتآكل الغضروف الواقي بين الفقرات، مما يؤدي إلى الألم، والصلابة، وتقييد في الحركة.
- التهاب المفاصل الروماتويدي (Rheumatoid arthritis)، وهو مرض مناعي يسبب التهاباً في المفاصل. عند تأثيره في العمود الفقري، تظهر تشوهات وآلام الظهر السفلي، والصلابة في الحركة.
- الحالات الالتهابية، مثل التهاب الفقرات المقسط (التهاب الفقرات الروماتويدي، Ankylosing spondylitis)، إذ يؤثر هذا المرض الالتهابي المزمن بشكل أساسي في العمود الفقري ومفاصل الحوض، مما يؤدي إلى الألم والصلابة وضعف الحركة.
في بعض الحالات، قد يكون ألم الظهر علامة على حالات أكثر خطورة، مثل السرطان أو الالتهابات العظمية. على الرغم من ندرتها، إلا أنه من المهم اللجوء إلى الرعاية الطبية إذا كنت تعاني من آلام في الظهر غير مفسرة أو مستمرة، خاصة إذا كانت مصاحبة لأعراض أخرى.
تعرف على: ألم أسفل الظهر عند الجلوس والانحناء
هل السرير يسبب آلام الظهر؟
قد يسهم فراش غير داعم أو وضعية النوم غير الصحيحة في تفاقم آلام الظهر. قد لا يوفر فراش صلب أو لين دعمًا كافيًا لفقرات العمود الفقري، مما يؤدي إلى عدم تحقيق توازن صحيح وزيادة الضغط على أسفل الظهر.
بالإضافة إلى ذلك، النوم على البطن قد يسبب توترًا في العنق والظهر السفلي، بينما يمكن للنوم على الظهر أو الجانب مع دعم صحي للوسادة والفراش أن يساعد على توازن العمود الفقري.
هل ألم أسفل الظهر من علامات الالتهاب؟
يحدث الالتهاب نتيجة استجابة الجهاز المناعي للإصابة أو العدوى في الجسم. في حين أن الالتهاب الحاد ضروري وجزء طبيعي من عملية الشفاء، يمكن أن يسهم الالتهاب المزمن في الألم المستمر وتلف الأنسجة.
تؤثر بعض الحالات الالتهابية، مثل التهاب المفاصل الروماتويدي عادةً في العمود الفقري والمفاصل المحيطة، مما يؤدي إلى الألم والصلابة.
إذا كنت تشك في أن هناك حالة التهابية، فإنه من المهم استشارة الطبيب لتجنب تناول المسكنات المفرط، ومعالجة السبب الجذري للألم.
متى يجب زيارة الطبيب عند ألم أسفل الظهر؟
تحديد متى يجب اللجوء إلى الرعاية الطبية بسبب آلام الظهر يمكن أن يكون أمرٌ صعبٌ على البعض، لذا يمكن أن يؤخذ في الاعتبار بعض العلامات التحذيرية التي تتطلب رعاية طبية فورية، مثل:
- ألم حاد أو مستمر لا يستجيب لوسائل العلاج الذاتية.
- الألم المصاحب لأعراض أخرى، مثل الحمى، وفقدان الوزن غير المبرر، أو تغييرات عصبية.
- تاريخ مرضي في إصابات الظهر.
- اضطراب في عمل الأمعاء أو المثانة.
- ضعف تدريجي أو شلل أو خدر في الساقين.
- صعوبة في المشي أو الوقوف الصحيح.
- ظهور الألم نتيجة إصابة جراحية، أو سقوط أو حوادث.
- استمرار الألم لأكثر من بضعة أسابيع أو أكثر.
في حين تتحسن معظم حالات ألم أسفل الظهر باستخدام خيارات العلاج التقليدية، هناك حالات تستدعي البحث عن المساعدة الطبية، لإجراء تقييم دقيق، وتحديد السبب الكامن، وتوجيهك نحو خيارات العلاج المناسبة.
ألم أسفل الظهر هو حالة شائعة تؤثر في الحياة اليومية لدى الكثير من الناس، يمكن الوقاية منها عن طريق الحفاظ على وزن صحي، وزيادة النشاط البدني، وتجنب الجلوس أو الوقوف لفترات طويلة. ومع ذلك، فإن معرفة أسباب ألم الظهر أمر ضروريٍ للسير في رحلة علاج صحيحة ومناسبة، وخاصة إذا كان الألم ناتجًا عن حالة التهابية، أو إصابة، أو مرض مزمن، فإن علاج السبب الكامن يصبح هو أساس تحقيق الشفاء.
في عيادات الموسى، ستجد في انتظارك فريق من الأطباء لتقديم الرعاية المناسبة لحالتك.
أيضا