

يشهد العالم، في العقود الأخيرة، ازديادًا ملحوظًا في انتشار حالات الإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي، ذلك المرض المناعي المزمن الذي يُصيب المفاصل ويسبب الألم والتيبس وتآكل الغضاريف. ما هي أسباب هذا الازدياد المقلق في معدلات الإصابة؟ وهل هناك طرق للوقاية منه أو علاجه؟
ما هو التهاب المفاصل الروماتويدي؟
التهاب المفاصل الروماتويدي هو مرض مناعي ذاتي يسبب التهابًا مزمنًا في المفاصل، وعادة ما يؤثر في اليدين، والرسغين، والركبتين، إذ يهاجم الجهاز المناعي الذي صُمم لحماية الجسم الأنسجة الليمة المحيطة بالمفاصل، مما يؤدي إلى أعراض متفاوتة من التورم، والألم وغيرها.
مع مرور الوقت، يمكن أن يتسبب هذا الالتهاب في تلف الغضاريف والعظام، مما يؤدي إلى تشوه المفاصل وفقدان وظيفتها.
من المهم أن نلاحظ أن التهاب المفاصل الروماتويدي يختلف عن أنواع التهاب المفاصل الأخرى، مثل التهاب المفاصل التنكسي، فعلى الرغم من أن كلتا الحالتين تسببان في ألم المفاصل والتهابها، إلا أن الأسباب والتجليات مختلفة.
التهاب المفاصل التنكسي هو مرض تنكسي للمفاصل ناتج عن تآكل الغضاريف، في حين أن التهاب المفاصل الروماتويدي هو اضطراب مناعي ذاتي يهاجم فيه الجهاز المناعي أنسجة الجسم.
هل التهاب المفاصل هو نفسه الروماتويد؟
التهاب المفاصل الروماتويدي (الروماتويد) هو نوع محدد من التهاب المفاصل يختلف عن الأشكال الأخرى التي تضم حالات هشاشة العظام وغيرها.
ونظراً أن ليست كل حالات التهاب المفاصل هي روماتويد، من الضروري التمييز بين الأنواع المختلفة من التهاب المفاصل عبر التشخيص الطبي الدقيق؛ لتحديد استراتيجيات العلاج والإدارة المناسبة.
“أقرأ أيضا عن أسباب ألم المفاصل وكيف يمكن علاجها؟
ما هي أسباب التهاب المفاصل الروماتويدي؟
السبب الدقيق لالتهاب المفاصل الروماتويدي ليس مفهومًا بالكامل، ولكن يُعتقد أنه نتيجة تفاعل بين العوامل الجينية والبيئية التي تؤدي إلى خلل في الجهاز المناعي ومهاجمته للمفاصل.
تشمل بعض العوامل المعروفة التي تزيد من خطر الإصابة ما يلي:
- العوامل الوراثية: رُبطت بعض التغيرات الجينية، خاصة جينات مستضد الكريات البيضاء البشرية (HLA)، بزيادة خطر الإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي.
تلعب هذه الجينات دورًا حاسمًا في قدرة الجهاز المناعي على تمييز خلايا الجسم السليمة من الخلايا الغريبة الضارة، ما يجعل أي تغير فيها يؤثر في عمل الجهاز المناعي بشكل صحيح.
- المحفزات البيئية: تؤثر عوامل، مثل: العدوى، والتعرض لبعض المواد الكيميائية أو السموم، وعوامل نمط الحياة كالتدخين في زيادة احتمالية تطور التهاب المفاصل الروماتويدي.
قد تتفاعل هذه المنبهات الخارجية مع الاستعداد الوراثي لتحفيز الاستجابة المناعية الذاتية.
- التأثيرات الهرمونية: تشير الأبحاث أن النساء أكثر عرضة للإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي بنسبة مرتين إلى ثلاث مرات مقارنة بالرجال، مما ربط تقلبات الإستروجين والهرمونات الجنسية الأخرى بتغيرات في الجهاز المناعي التي قد تساهم في بدء التهاب المفاصل الروماتويدي.
مع ذلك، فإن الآليات الدقيقة التي تحفز الجهاز المناعي لمهاجمة المفاصل لا تزال غير معروفة. هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لفهم التفاعل المعقد الذي يحدث في الجسم.
يمكنك قراءة علاج سريع لالتهاب المفاصل
ما هي أعراض التهاب المفاصل الروماتويدي؟
تشمل الأعراض الرئيسة لالتهاب المفاصل الروماتويدي ألم المفاصل، التورم، والتيبس، خاصة في المفاصل الصغيرة، مثل اليدين والقدمين.
ومع ذلك، يمكن أن تؤثر الحالة أيضًا في المفاصل الكبيرة، مثل الركبتين، الوركين، والكتفين. نذكر لكم بعض الأعراض الشائعة لحالات التهاب المفاصل الروماتويدي:
- ألم، تورم، في مفاصل متعددة، غالبًا على جانبي الجسم.
- التيبس، خاصة في الصباح أو بعد فترات من عدم الحركة.
- انخفاض نطاق الحركة وتشوه المفاصل مع تقدم المرض.
بالإضافة إلى الأعراض الموضعية في المفاصل، قد يُلاحظ بعض من الأعراض الجهازية والوعائية الآتية:
- التعب الدائم.
- الحمى.
- فقدان الوزن غير المبرر.
- فقر الدم.
- جفاف العيون والفم (متلازمة شوغرن – Sjögren’s syndrome).
- ظهور العقيدات الروماتويدية، وهي كتل صلبة تحت الجلد.
- التهاب الأوعية الدموية.
- الطفح الجلدي.
إنّ تنوع أعراض التهاب المفاصل الروماتويدي واختلافها من شخص لآخر سمة مميزة لهذا المرض. نلاحظ أيضًا أنّه قد يمرّ بفترات من التفاقم والهدوء، ممّا يُضفي المزيد من التعقيد على فهمه وعلاجه.
هل التهاب المفاصل الروماتويدي يسبب ألماً في الظهر؟
بينما يؤثر التهاب المفاصل الروماتويدي بشكل أساسي في المفاصل الصغيرة، مثل تلك الموجودة في اليدين والقدمين، يمكن أن يؤثر أيضًا في المفاصل الكبيرة، بما في ذلك العمود الفقري.
يمكن أن يسبب التهاب المفاصل الروماتويدي التهابًا وتلفًا في المفاصل في الرقبة والظهر، مما يؤدي إلى الألم والتيبس وانخفاض الحركة.
تشمل بعض الطرق التي يمكن أن يساهم بها التهاب المفاصل الروماتويدي في آلام الظهر ما يلي:
- اعتلال مفاصل الوجه، التي تربط الفقرات معاً.
- تلف الأقراص الداعمة للفقرات في العمود الفقري.
- التهاب المفاصل العجزي الحرقفي، حيث يلتقي العمود الفقري بالحوض.
في بعض الحالات، قد يكون ألم الظهر هو العرض الأول الذي يدفع الشخص لطلب العناية الطبية. غالبًا ما يتطلب معالجة هذا النوع من آلام الظهر خطة علاج شاملة تعالج التهاب المفاصل الروماتويدي الأساسي، بالإضافة إلى التدخلات المحددة للإدارة الخاصة به.
كيف تعرف أنك مصاب بالتهاب المفاصل الروماتويدي؟
قد يكون تشخيص التهاب المفاصل الروماتويدي تحديًا طبياً كبيراً، إذ غالباً ما تكون الأعراض المبكرة مشابهة لأعراض الأنواع الأخرى من التهاب المفاصل، لذا يلجأ الأطباء عادة لعدة طرق تشخيصية لتأكيد الإصابة.
تشمل هذه الطرق ما يلي:
- الفحص البدني أو السريري للمريض، وسؤاله عن الأعراض؛ بحثاً عن علامات الالتهاب، مثل التورم، الاحمرار وظهور نطاق الحركة المحدود. يمكن أن يساعد الفحص السريري في الكشف عن العقيدات الروماتويدية أيضاً.
- الاختبارات المخبرية، التي تشمل:
- اختبار عامل الروماتويد (RF): يكتشف وجود أجسام مضادة شائعة في حالات الإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي.
- اختبار الأجسام المضادة للببتيد الحلقي المضاد للسيترولين (anti-CCP): يحدد نوعًا آخر من الأجسام المضادة التي تكون مرتفعة في التهاب المفاصل الروماتويدي.
- معدل ترسيب كريات الدم الحمراء (ESR) واختبار بروتين سي التفاعلي (CRP): وهي اختبارات تقيس مستوى الالتهاب في الجسم بشكل عام.
قد يطلب مقدمو الرعاية الصحية أيضًا اختبارات تصويرية، مثل الأشعة السينية، أو الموجات فوق الصوتية، أو التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)؛ لتقييم مدى تلف المفاصل والمساعدة في تأكيد التشخيص.
“يمكنك الاطلاع أيضا على طرق علاج ألم المفاصل؟
علاج التهاب المفاصل الروماتويدي
تتمثل الأهداف الرئيسية لعلاج التهاب المفاصل الروماتويدي في تقليل حدة الالتهاب، وتخفيف الأعراض، ومنع أو إبطاء تقدم تلف المفاصل، والحفاظ على جودة حياة المريض.
عادةً ما يشمل العلاج مزيجًا من الأدوية، وتعديلات نمط الحياة، وفي بعض الحالات التدخلات الجراحية.
حبوب التهاب المفاصل الروماتويدي
تشمل الأدوية الأكثر شيوعًا لعلاج التهاب المفاصل الروماتويدي:
- الأدوية المضادة للالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs)، مثل الإيبوبروفين والنابروكسين، التي تساعد في تقليل الالتهاب وتخفيف الألم.
- الأدوية المضادة للروماتويد المُعدِلة لسير المرض (DMARDs)، مثل: الميثوتريكسات، والهيدروكسي كلوروكين، التي يمكنها إبطاء تقدم المرض ومنع تلف المفاصل.
- العوامل البيولوجية: هي بروتينات معدلة وراثيًا تستهدف مكونات محددة من جهاز المناعة، مثل عامل نخر الورم (TNF)، وتشمل الأداليموماب، والإيتانرسبت، والتوسيليزوماب.
- الكورتيكوستيرويدات: وهي مضادات التهاب تساعد على توفير راحة سريعة أثناء النوبات، وتشمل أدوية عدة منها البريدنيزون.
كيف أحافظ على نفسي من الروماتويد؟
بالإضافة إلى الأدوية، يمكن أن يستفيد مرضى التهاب المفاصل الروماتويدي من عدة تغييرات في نمط الحياة، بما في ذلك:
- التمارين الرياضية، إذ يمكن للأنشطة ذات الشدة المنخفضة، مثل السباحة وركوب الدراجات وتمارين التمدد اللطيفة، أن تساعد على دعم وظيفة المفاصل وتقليل الألم.
- إدارة الوزن: يساعد الحفاظ على وزن صحي في تقليل الضغط على المفاصل وتحسين الصحة العامة.
- إدارة التوتر: تساعد التقنيات، مثل التأمل، واليوغا، والتنفس العميق على إدارة التأثير العاطفي والجسدي للمرض.
- التغييرات الغذائية: تشير بعض الدراسات إلى أن النظام الغذائي الغني بالأطعمة المضادة للالتهابات، مثل الأسماك الدهنية والفواكه والخضروات، قد يساعد على تخفيف الأعراض.
احجز استشارتك الآن في مركز العظام بمستشفى الموسى التخصصي
هل يمكن علاج الروماتويد جراحياً؟
في الحالات التي لا تكون العلاجات المحافظة فعالة فيها، قد يوصي الأطباء بتدخلات جراحية، مثل:
- استبدال المفصل؛ لاستعادة الوظيفة وتقليل الألم.
- استئصال الغشاء الزليلي؛ إذ قد يوفر إزالة الغشاء المفصلي الملتهب جراحيًا راحة لمدة من الوقت ويبطئ تقدم المرض.
- إصلاح الأوتار؛ لتحسين استقرار المفاصل ووظائفها.
التهاب المفاصل الروماتويدي هو اضطراب مناعي ذاتي معقد ومُرهق يمكن أن يكون له تأثير سيء وكبير في جميع الجوانب الجسدية والعاطفية والاجتماعية، لذا؛ يُعد فهم أسباب وأعراض هذا المرض أمرًا حيويًا لمقدمي الرعاية الصحية والمرضى على حد سواء، إذ يمكن أن يساعد التشخيص المبكر والإدارة الفعالة على إبطاء تقدم المرض وتحسين جودة الحياة لهؤلاء المرضى.
الأسئلة الشائعة
ما الفرق بين الروماتيزم والتهاب المفاصل الروماتويدي؟
الروماتيزم مصطلح عام يشمل مجموعة من الأمراض التي تسبب آلامًا في المفاصل، العضلات، والأربطة وقد يكون ناتجًا عن التهاب أو تآكل في الأنسجة، أما التهاب المفاصل الروماتويدي فهو نوع محدد من أمراض المناعة الذاتية حيث يهاجم جهاز المناعة أنسجة المفاصل بشكل غير طبيعي مما يؤدي إلى التهاب وتورم وألم مزمن، يختلف التهاب المفاصل الروماتويدي بأنه مزمن وغير قابل للعلاج الكلي لكن يمكن التحكم بأعراضه بالعلاج المناسب، كما أنه يصيب عادة المفاصل الصغيرة بكلا اليدين معًا، بينما الروماتيزم قد يؤثر على مناطق مختلفة.
كيف أصبت فجأة بالتهاب المفاصل الروماتويدي؟
لا يعرف سبب الإصابة المفاجئة بالتهاب المفاصل الروماتويدي بدقة لكن يعتقد أنها تحدث نتيجة خلل في جهاز المناعة يؤدي إلى مهاجمة أنسجة المفاصل عن طريق الخطأ، بعض العوامل قد تحفز ظهور الأعراض فجأة مثل التوتر الشديد أو العدوى أو التغيرات الهرمونية أو التعرض لعوامل بيئية معينة مثل التدخين، كما يلعب التاريخ العائلي دور مهم إذ يزيد وجود حالات مرضية مشابهة بين أفراد العائلة من احتمال الإصابة، الأعراض التي تظهر فجأة تشمل الألم والتورم والصلابة في المفاصل خاصة الصغيرة منها مثل تلك الموجودة في اليدين.
هل يمكن الشفاء من الروماتويد؟
لا يوجد علاج شافي تمامًا لالتهاب المفاصل الروماتويدي حتى الآن لكن يمكن التحكم في أعراضه والحد من تطوره باستخدام العلاج المناسب، كما أن الدراسات تشير إلى أن التدخل الطبي المبكر بالأدوية المضادة للروماتيزم مثل الهيدروكسي كلوروكوين أو الأدوية المعدلة للمناعة يساعد في تقليل الالتهاب وتلف المفاصل، كما أن اتباع نمط حياة صحي وتمارين علاجية يدعمان تحسين الحركة وتخفيف الألم، رغم ذلك قد تحدث فترات تحسن تدوم أشهر أو سنوات لدى بعض المرضى إلا أن المرض يبقى مزمن ولا يمكن الشفاء منه نهائيًا.
المصادر والمراجع
Rheumatoid arthritis and back pain – medical news today
Rheumatoid Arthritis and Low Back Pain – arthritis-health
مهتم بصحتك؟
تابع أحدث المقالات، هذه مقالة طبية ولا تغنيك عن استشارة الطبيب، يمكنك الحجز مع افضل الاطباء في المملكة.
احجز موعدأيضا