يعتقد الكثيرون أن مريض انفصام الشخصية يعاني من عدة شخصيات مختلفة وذلك اعتقاد خاطئ، فما هو؟ وماهي أسبابه؟ وطرق علاج انفصام الشخصية ؟
هل الفصام مرض عقلي أم نفسي؟
يعرف مرض انفصام الشخصية بمرض الفصام أو الشيزوفرينيا.
هو مرض نفسي مزمن، يؤثر على إدراك الشخص وتفكيره وسلوكه، ويبدو كأنه منفصل عن الواقع.
وذلك لأن المريض يعاني من اضطراب في التفكير والسلوك وأوهام وهلاوس تعوق قدرته على القيام بالأنشطة اليومية، كما أنها تؤثر على علاقاته الاجتماعية أيضا.
أسباب انفصام الشخصية
لا تزال أسباب انفصام الشخصية حتى الآن غير معروفة بشكل دقيق، ولكن يوجد عدة عوامل يرجح أن المرض يحدث بسببها، على سبيل المثال:
- الاستعداد الوراثي: حيث أن احتمالية إصابة الشخص بانفصام الشخصية تزداد إذا كان أحد والديه مصابًا به.
- اختلال توازن النواقل العصبية: قد يكون أحد أسباب انفصام الشخصية حدوث اختلال في توازن بعض النواقل العصبية في المخ، مثل الدوبامين والسيروتونين،مما يؤثر على طريقة تفكير المريض وسلوكه.
- مشكلة بيولوجية: حدوث تغيرات في تركيبة الدماغ، حيث اكتشف الأطباء اختلاف في بنية مخ مرضى الفصام.
كما أن يوجد عوامل تزيد من خطر الإصابة بانفصام الشخصية، مثل:
- مشاكل حدثت قبل أو أثناء الولادة: مثل تعرض الجنين لعدوى فيروسية أو تعرضه لمواد خطرة، أو سوء تغذية الأم اثناء الحمل.
- استخدام بعض أنواع الأدوية أو المواد المخدرة، مثل الأمفيتامين، أو الكوكايين، أو الحشيش، خلال مرحلة المراهقة أو بداية الشباب.
- يزيد أيضا كبر عمر الأب عند إنجاب طفله من احتمالية إصابة الابن بانفصام الشخصية.
- التعرض للصدمات والضغوط نفسية
أعراض انفصام الشخصية
تشمل أعراض الفصام بشكل عام على أربع فئات رئيسية: الأعراض الإيجابية، والأَعراض السلبية، وعدم التنظيم، والاعتلال الإدراكي.
قد تظهر لدى المصابين أعراض من واحدة أو جميع تلك الفئات.
الأعراض الإيجابية
تتضمن على تشوه الوظائف الاعتيادية، مثل:
- الأوهام الراسخة: معتقدات خاطئة تشمل عادة على تفسير خاطئ للمفاهيم أو التجارب، ويميل المريض إلى التمسك بهذه المعتقدات على الرغم من الأدلة الواضحة على بطلانها.
- الهلوسة المستمرة: يسمع المريض أو يرى أو يتحسس أشياء لا وجود لها على أرض الواقع.
الأَعراض السلبية
تتضمن على فقدان أو تراجع الأداء العاطفي والاجتماعي الاعتيادي، على سبيل المثال:
- عدم القدرة على التعبير عن العواطف.
- جمود وجه المصاب وعدم ملاحظة أي تعبير أو حركة فيه.
- ضعف أو غياب التواصل البصري.
- عدم التفاعل أثناء الحديث باستخدام اليدين أو الرأس لإظهار نوع من التوكيد أو التفاعل مع الكلام.
- لا يوجد أي استجابة تجاه الأحداث أو الأحاديث التي تسبب البكاء أو الضحك.
- قلة الكلام، فقد يجيب المريض على نحو حاد على الأسئلة، أو ربما بكلمة واحدة أو كلمتين.
- انعدام الإستمتاع وفقدان الاهتمام بالأنشطة اليومية المعتادة ويمضي وقتًا أطول في ممارسة أنشطة لا فائدة منها.
- اللااجتماعية: عدم اهتمام المريض في بناء علاقات مع الآخرين.
- انعدام الهمة والدافع، والشعور الدائم بعدم وجود هدف في الحياة.
عدم التنظيم
ويشمل اضطرابات التفكير والسلوكيات الغريبة:
- اضطراب الأفكار: التفكير بشكل مشوش، ويظهر ذلك خلال تشتت الكلام والانتقال من موضوع إلى آخر بدون رابط بينهما.
- السلوكيات الغريبة: سلوكيات طفولية سخيفة ،أو انفعالية، أو غير لائقة.
الاعتلال الإدراكي
يشير الاعتلال الإدراكي إلى:
- صعوبة التركيز: يعجز بعض المرضى عن تجاهل عوامل التشويش، أو التركيز على مهمة محددة.
- صعوبة التذكر.
- صعوبة التنظيم والتخطيط.
- صعوبة حل المشكلات.
وبالتالي صعوبة الاستمرار في الأعمال التي تحتاج إلى الاهتمام بالتفاصيل، والإجراءات المعقدة، وصناعة القرارت، وفهم التفاعلات الاجتماعية.
مراحل انفصام الشخصية
يظهر مرض انفصام الشخصية على هيئة ثلاث فترات أو مراحل، تتسم كل مرحلة بأعراض وعلامات معينة، وتشمل المراحل ما يلي:
- مرحلة البادرة: هي المرحلة الأولى وفيها تحدث أعراض الفصام المبكرة، وتتشابه أعراضها مع أعراض اضطرابات نفسية أخرى، على سبيل المثال الاكتئاب.
- المرحلة الحادة أو الفصام الحاد: وتحدث فيها الأعراض الذهانية من الهلاوس، والأوهام، وجنون الارتياب.
- المرحلة المتبقية: يعانون المرضى بالفصام في هذه المرحلة من أعراض أقل حدة تشبه مرحلة الباردة، وغالباً لا يعانون من الأوهام والهلاوس في هذه الفترة، وقد يعود بعض المرضى إلى المرحلة الحادة مرة أخرى.
هل مرض انفصام الشخصية خطير
لا تكمن خطورة مرض الفصام في أنه خطير على المجتمع، فغالبًا ما يكون مرضى الفصام الفئة التي تتعرض للتعنيف والجرائم، لا الفئة التي تمارس العنف على الآخرين.
كما أن لا تختلف احتمالية قيام مريض انفصام الشخصية بإلحاق الضرر بمن حوله عن احتمالية قيام أي شخص سليم بأفعال عدوانية تجاه المجتمع.
إلا أن خطورة المرض تكمن في خطورته على المريض نفسه؛ حيث يعد الانتحار السبب الرئيس للوفاة بين مرضى انفصام الشخصية، لا سيما وأن المرضى يميلون إلى الانعزال عن المجتمع.
ويؤدي عدم إخضاع المريض لبرنامج علاجي مناسب لحالته إلى تدهور وضعه الصحي والنفسي،وظهور بعض المضاعفات،أهمها:
- الإصابة بأمراض نفسية أخرى تنشأ مع الوقت، مثل: الاكتئاب، واضطراب الوسواس القهري.
- التأثير السلبي على جميع نواحي حياة المريض، مثل: العجز عن العمل، أو التوقف عن الذهاب للمدرسة أو الجامعة في حالة كان المريض طالبًا، الانعزال عن المجتمع، والمشكلات المادية والمعيشية، أو التشرد.
- مضاعفات أخرى، مثل: تعاطي المخدرات أو الكحول، أو السلوك العنيف، أو نشأة بعض الأمراض الجسدية لدى المصاب.
كما ذكرنا مسبقًا، أن السلوك العدواني عموما لا يعد شائعًا بين مرضى الفصام، ولكن من الممكن أن ينشأ لدى البعض.
وتتمثل مؤشرات السلوك العدواني لدى مريض الفصام على هذه الأعراض:
- تغيرات مزاجية غير مبررة.
- سلوكيات على درجة معينة من العنف أو العدوانية، مثل: السخرية المستمرة والاستهزاء ببعض الأشخاص، الاستفزاز اللفظي، وإطلاق ألقاب غير محببة على بعض الأشخاص، أو تهديد من حولهم.
- التحدث دائما على مواضيع تدور غالبا حول العنف الذي يمكن ممارسته تجاه فئات معينة، مثل: بعض الفئات العرقية، أو تجاه أماكن معينة كبعض المنشآت الدينية.
- عدم استعداد المريض لتحمل مسؤولية بعض التصرفات والأحاديث غير اللائقة التي تصدر عنه؛ لإعتقاده أن هذا النوع من التصرفات مبرر وأنه رد فعل طبيعي للطريقة التي عومل بها.
- تحدث المريض المستمر حول إمكانية شراء بعض المواد والأدوات القاتلة كالسموم أو الأسلحة.
- فتح المريض أحاديث تدور غالبا حول الموت أو العنف، أو يكتب المريض نصوص أو يرسم لوحات تدور حول هذه المواضيع.
- إفصاح المريض عن أنه يسمع أصوات في رأسه تحثه على القيام بأفعال عدوانية، مثل: القتل.
في بعض الحالات قد يتم إدخال مريض الفصام إلى المشفى؛ لمنع هذا النوع من السلوكيات لديه، وتحاشيًا تبعاته عليه وعلى الأشخاص المحيطين به.
علاج انفصام الشخصية بدون أدوية
يوجد ثلاثة أنواع من العلاج المستخدمة بجانب الأدوية في علاج انفصام الشخصية، وهي: العلاج النفسي، والعلاج بالطب البديل، والعلاج بالصدمات الكهربائية.
العلاج النفسي
يشمل العلاج النفسي للفصام ما يلي:
- العلاج السلوكي المعرفي: يساعد المريض على تغيير طريقة تفكيره وسلوكياته، ويتعلم المريض طرقاً للتعامل مع الأوهام والهلاوس و كيف يحدد المحفزات التي تثير حدوث النوبات الذهانية وكيف يتجنبها.
- العلاج الأسري: يعمل على تثقيف أفراد الأسرة حول المرض، وكيفية التعامل مع المريض، وهذا العلاج يساعد في تخفيف من حدة الأعراض مدة تصل إلى عامين، ويقلل من حاجة المصاب إلى دخول المستشفى.
- العلاج الجماعي: يتيح العلاج الجماعي لمريض الفصام مساحة آمنة تسمح له بتبادل الخبرات في كيفية التعامل مع التحديات التي تواجهه، ويساهم ذلك في التخفيف من الشعور بالعزلة، وتطوير علاقاته الاجتماعية.
العلاج بالطب البديل
قد يساهم في تخفيف الأعراض، وذلك بجانب الالتزام بخطة علاج مع الطبيب، ولا يجب استخدام هذه الطرق بدلا عن الأدوية الموصوفة.
وتشمل طرق علاج انفصام الشخصية منزلياً على:
- العلاج بمساعدة الحيوانات الأليفة: حيث تدرب هذه الحيوانات على تقديم الدعم العاطفي للمريض وتمنحه شعوراً بالمتعة.
- المكملات الغذائية والفيتامينات: وجد أن لهم دورا في تحسين أعراض الفصام في بعض الحالات، مثل:
- فيتامينات ب.
- فيتامين د.
- الأوميغا 3.
- مضادات الأكسدة.
- الأحماض الأمينية.
- الاسترخاء وتجنب التوتر: يؤدي التوتر إلى تفاقم الهلاوس والأوهام،بينما يساهم اتباع بعض الطرق في التخفيف من التوتر، مثل: ممارسة اليوغا والتأمل، واتباع نظام غذائي صحي، وأيضا وضع روتين يومي للمهام وتنظيم مواعيد النوم.
العلاج بالصدمات الكهربائية
قد يستخدم هذا العلاج في الحالات التي لم تستجب للعلاج الدوائي، وكذلك في المرضى الذين يعانون من اكتئاب حاد أو أعراض جمودية شديدة، ويفيد هذا العلاج في تحسين الحالة المزاجية والقدرة على التفكير.
يجرى علاج الفصام بالصدمات الكهربائية تحت التخدير العام، وذلك من خلال تمرير تيارات كهربائية عبر أقطاب توضع على الرأس؛ وذلك لإحداث نوبة في المخ.
وعادة تستغرق دورة العلاج من 2 إلى 3 جلسات في الأسبوع لعدة أسابيع.
ما هي الطريقة التي يعالج بها من الفصام نهائيا؟
لا يوجد طريقة علاج نهائى للفصام، ولكن توجد بعض الحلول العلاجية التي تساعد على إبقاء الحالة تحت السيطرة.
كما ذكرنا في الأعلى 3 طرق بدون الأدوية يمكن الاستعانة بهم إلى جانب الأدوية، فمن الضروري تناول الأدوية للتحكم في الأعراض.
تشمل أدوية علاج الفصام على ما يلي:
- مضادات الذهان.
- مثبتات المزاج.
- مضادات الاكتئاب.
في بعض الأحيان، يحتاج المريض إلى تجربة عدة أدوية أو جرعات مختلفة وذلك بناء على توصيات الطبيب للوصول إلى أفضل دواء مناسب لحالته.
هل هناك حالات شفيت من الفصام؟
تشير الأبحاث أن الالتزام التام بتناول الأدوية والجلسات، يجعل نسبة الشفاء من مرض الفصام تصل إلى 70 % فى الكثير من الحالات.
والجدير بالذكر أن مريض الفصام يظل طوال العمر يتعاطى أدويته التى تعمل على تحسين نسب الدوبامين فى الدماغ بشكل يجعل حالته مستقرة قدر الإمكان دون حدوث مشكلات.
مرض انفصام الشخصية والزّواج
إن مرض الفصام كأي مرض نفسي يختلف فيه الوضع بين كل مريض و آخر، بناء على:
- شدة الاضطراب.
- درجة التزام المريض بالعلاج.
- درجة الاستجابة للعلاج.
- درجة وعي المريض و إدراكه بطبيعة المرض.
ويؤكد بعض الأطباء المتخصصين، أن مريض الفصام سواء رجل أو إمرأة يمكن أن يتزوج إذا كان على دراية ببعض الأسس المُحكَّمة، وهي:
- يعرف معنى الزواج، ومتطلباته.
- يدرك موضوع المعاشرة الزوجية.
- في حالة المريض رجل يجب أن يدرك موضوع الإنفاق على الزوجة، وحقوق الزوجة.
- معرفة حقوق الزوج في حالة كانت إمرأة.
- أن هذا المريض لا يشكل خطورة على الشريك.
ولا يجب أن نغفل أن نسبة وراثة المرض تتراوح ما بين 1% إلى 3 %.
ولكن يجب أن نعلم أيضا أن يمكن الوقاية من الإصابة إذا ابتعد الأبناء عن شرب المخدرات أو الحشيش لأنها تؤثر على الصحة العقلية للشخص وتزيد من نسب الإصابة بالفصام إذا كان لديه استعداد جينى، وكذلك يجب تجنب المشكلات والضغوط قدر المستطاع.
ومن المهم أن يكون الشريك الآخر على علم أن شريكه يعاني من علة نفسية وتقبل ذلك، قطعًا سوف يُساعد ذلك في العلاج، ومع شريك متفهم وحكيم يستطيعوا أن يحافظوا على زواجهما، والمساعدة باستمرارية العلاج.
وفي الختام: يعد الاكتشاف والعلاج المبكرين التوجه الرئيسي في علاج انفصام الشخصية.
ففي البداية أو ما يسمى بادرة المرض تكون الأعراض بسيطة ويكون التحكم بها، قبل أن تتفاقم بسبب جهد الحياة.
ولمزيد من المعلومات حول العلاجات المتاحة لمرض انفصام الشخصية، يمكنك حجز استشارة على الفور في مستشفى الموسى التخصصي.
أيضا