يُصيب العقم ما يقارب 12% من الرجال حول العالم، ومع ذلك، لا يزال هناك اعتقاد خاطئ شائع بأنّ المرأة هي المسؤولة دائمًا عن صعوبة الإنجاب، فيؤدي هذا الاعتقاد إلى تجاهل علامات العقم عند الرجال، ممّا قد يؤخر تلقي العلاج ويُعيق تحقيق حلم الإنجاب.
علامات العقم عند الرجال
يتصف العقم عند الرجال بشكل أساسي بعدم القدرة على إنجاب طفل على الرغم من الجماع المتكرر دون وقاية لمدة عام على الأقل، ومع ذلك، هناك بعض العلامات الإضافية التي قد تشير إلى العقم لدى الذكور. يمكن أن تختلف هذه العلامات من شخص لآخر وتشمل:
- صعوبات في القذف أو الانتصاب: يمكن أن تؤثر مشكلات القذف، مثل القذف المبكر أو القذف العكسي، على الخصوبة. كذلك، قد يكون ضعف الانتصاب، وهو عدم القدرة على تحقيق أو الحفاظ على الانتصاب، علامة مسببة للعقم.
- انخفاض الرغبة الجنسية: هو أحد الأعراض الشهيرة لعقم الذكور. قد يكون ناتجًا عن اختلالات هرمونية أو حالات صحية كامنة أخرى.
- ألم أو تورم أو كتلة في الخصيتين: يجب تقييم أي ألم أو تورم أو كتل غير طبيعية في الخصيتين من قبل طبيب مختص. يمكن أن تكون هذه الأعراض دلالة على مشكلات أساسية تؤثر في الخصوبة.
- مشكلات هرمونية: يظهر أن للاختلالات الهرمونية تأثيراً كبيراً في خصوبة الذكور. قد تشير أعراض، مثل نمو الثدي غير الطبيعي أو تساقط شعر الوجه أو الجسم إلى مشكلات هرمونية تتطلب عناية طبية.
من الضروري أن نتذكر أن هذه العلامات ليست دليلاً قاطعًا على العقم، ولا يمكن إجراء تشخيص مناسب إلا من قبل طبيب مختص من خلال الفحص والتحليل الشاملين.
كما أن مصطلح العقم قد يكون غير دقيق علمياً، إذ أن كل ما ذكرنا هي مؤشرات على ضعف القدرة على الإنجاب وليس استحالته إلا في حالات نادرة، وقد تُعالج أكثرها بمجرد تدارك السبب الرئيسي للمشكلة.
أسباب العقم عند الرجال
إن فهم الأسباب الكامنة وراء العقم عند الرجال أمر ضروري للتشخيص والعلاج الفعالين. هناك عدة عوامل يمكن أن تساهم في ضعف القدرة الإنجابية، مثل:
- اضطرابات الحيوانات المنوية: تعد مشكلات إنتاج الحيوانات المنوية أو جودتها أو حركتها من الأسباب الشائعة لعقم الذكور. يمكن أن تشمل هذه الاضطرابات:
- قلة عدد الحيوانات المنوية (قلة النطاف)، أي لا يكون هناك ما يكفي من الحيوانات المنوية السليمة مما يؤدي إلى تقليل فرص الإخصاب.
- انعدام الحيوانات المنوية: وهو ما يشير إلى عدم وجود حيوانات منوية في أثناء القذف، ما قد يكون بسبب انسداد أو مشكلة في إنتاج الحيوانات المنوية.
- ضعف حركة الحيوانات المنوية: هو مؤشر على عدم قدرة الحيوانات المنوية على الحركة ضمن السائل المنوي بشكل صحيح، ما يجعل من الصعب عليها الوصول إلى البويضة وتخصيبها.
- تشوهات في شكل الحيوانات المنوية: تؤثر التشوهات في شكل الحيوانات المنوية وبنيتها على قدرتها على تخصيب البويضة.
- العيوب الجينية: يمكن للتشوهات الجينية أن تتداخل مع إنتاج الحيوانات المنوية وحركتها والوظيفة الإنجابية العامة. من أشهر هذه الحالات: متلازمة كلاينفلتر (Klinefelter syndrome) والتليف الكيسي.
- الحالات الصحية: يمكن لبعض الحالات الصحية أن تؤثر في خصوبة الذكور، مثل:
- مرض السكري.
- الالتهابات الناتجة عن الكلاميديا والنكاف وغيرها.
- فيروس نقص المناعة البشرية.
- الاضطرابات الهرمونية.
- عوامل نمط الحياة، إذ تؤثر عوامل عدة في صحة الحيوانات المنوية وإنتاجها، مثل:
- التدخين وتعاطي الماريجوانا أو المواد المخدرة الأخرى.
- الإفراط في تناول الكحول.
- التعرض للحرارة الشديدة المستمرة، مثل: الساونا أو أحواض المياه الساخنة أو المهن التي تتطلب العمل بجانب الفرن أو ما شابه.
- العوامل البيئية: يمكن أن يساهم التعرض للسموم البيئية والمواد الكيميائية والإشعاع في عقم الذكور، كما تؤثر المبيدات الحشرية والمخاطر المهنية في الصحة الإنجابية أيضاً.
من المهم ملاحظة أنه في بعض الحالات، قد يكون سبب عقم الذكور غير معروف، ما يُشكل مصدر إحباط للأزواج الذين يبحثون عن إجابات.
تحليل العقم عند الرجال وأساليب التشخيص
عند تشخيص عقم الذكور، يستخدم أخصائيو الرعاية الصحية اختبارات وتحليلات مختلفة لتحديد الأسباب الكامنة. قد تتضمن هذه:
- تحليل السائل المنوي (فحص الحيوانات المنوية): يعتبر تحليل السائل المنوي الاختبار الأولي الأكثر شيوعًا، وهو يتضمن جمع عينة من السائل المنوي وتحليلها للعديد من العوامل، بما في ذلك عدد الحيوانات المنوية وحركتها وشكلها وصحتها العامة.
- تحاليل الدم: يمكن أن توفر تحاليل الدم معلومات قيمة حول الاضطرابات في مستويات الهرمونات، بالإضافة إلى إجراء اختبارات جينية لتحديد أي تشوهات قد تؤثر في الصحة الإنجابية إن لزم الأمر.
- الموجات فوق الصوتية: قد يحتاج الطبيب إلى إجراء الموجات فوق الصوتية لفحص الخصيتين وكيس الصفن والأنسجة المحيطة بحثًا عن أي تشوهات أو عوامل غير طبيعية. يمكن أن تساعد تقنية التصوير هذه في تحديد الانسدادات أو وجود دوالي الخصيتين أو أي مشكلات بنيوية أخرى تؤثر في الخصوبة.
- خزعة الخصية: في بعض الحالات، قد تكون خزعة الخصية ضرورية لتقييم صحة وإنتاج الحيوانات المنوية داخل الخصيتين. يشتمل هذا الإجراء على إزالة عينة صغيرة من أنسجة الخصية لتحليلها تحت المجهر.
يتطلب تحليل العقم عند الرجال تقييمًا شاملًا لعوامل مختلفة لتحديد الأسباب الكامنة ووضع خطة علاج مناسبة.
ما علاج العقم عند الرجال؟
تعتمد خيارات علاج عقم الذكور على السبب الكامن وراءه ويمكن أن تختلف من شخص لآخر، فهي رحلة طويلة تتطلب علاجاً متعدد السُبل. تشمل بعض الطرق الشائعة للعلاج ما يلي:
- تغيير نمط الحياة: يمكن أن يؤدي اتخاذ خيارات صحية في نمط الحياة إلى تحسين الخصوبة بشكل كبير. قد يتضمن ذلك:
- الإقلاع عن التدخين والحد من استهلاك الكحول.
- الحفاظ على وزن صحي وممارسة الرياضة بانتظام.
- تجنب التعرض للسموم البيئية.
- تناول غذاء صحي يعزز الخصوبة.
- الأدوية: يمكن أن تساعد بعض الأدوية في علاج الاضطرابات الهرمونية وتحسين إنتاج الحيوانات المنوية أو علاج الحالات الصحية الكامنة التي تساهم في العقم. بناءً على احتياجاتك المحددة، قد يصف طبيبك أدوية، مثل الأدوية الهرمونية أو المضادات الحيوية بالإضافة إلى الفيتامينات المساعدة.
يمكن أن تساعد تقنيات الإنجاب المساعد على التغلب على تحديات الخصوبة وزيادة فرص الحمل، وهي تشمل بشكل أساسي الحقن المجهري والتلقيح الصناعي(IVF) وحقن الحيوانات المنوية داخل البويضة (ICSI).
هل يمكن الشفاء من العقم عند الرجال؟
تعتمد إمكانية الشفاء من العقم على السبب الكامن وراءه. في بعض الحالات، يمكن أن تؤدي معالجة عوامل نمط الحياة أو علاج الحالات الصحية الكامنة أو الخضوع للتدخلات الجراحية إلى تحسين نتائج الخصوبة بشكل كبير يصل إلى 90%.
حتى في الحالات التي قد لا يكون فيها العلاج الكامل ممكنًا، يمكن أن تساعد طرق العلاج المختلفة على التغلب على تحديات الخصوبة وزيادة فرص الحمل. لقد أظهرت تقنيات الإنجاب المساعد، مثل الحقن المجهري أو التلقيح الصناعي نتائج واعدة في تحقيق الحمل حتى في حالات الضعف الشديد في الخصوبة لدى الذكور.
من المهم التعامل مع رحلة العقم بتوقعات واقعية والسعي للحصول على دعم من أخصائي الرعاية الصحية وأخصائي الإنجاب الذين يمكنهم تقديم الإرشادات والمعلومات والدعم النفسي طوال الرحلة.
العقم رحلة صعبة يواجهها العديد من الأزواج، ويمكن أن تكون تجربة عاطفية مجهدة للغاية. بينما غالبًا ما يرتبط العقم بالنساء، من المهم إدراك أن الرجال يمكن أن يساهموا أيضًا في مشكلات الخصوبة. في الواقع، تشير الأبحاث إلى أن حوالي ثلث حالات العقم مرتبطة بعوامل لدى الرجال. نأمل أن يكون مقالنا اليوم قد أوضح لديكم علامات العقم عند الرجال لتتفتح أفق التفكير والتوجه الصحيح للعلاج وتحقيق حلم الإنجاب.
قد يعجبك
أيضا
أيضا
كن على اطلاع بأخر الاخبار لدينا
