هل تشعر بالتعب المستمر، وكأن جسدك يئن تحت وطأة إرهاق لا ينقطع؟ هل يزحف الشحوب على بشرتك، قد تكون هذه الأعراض بوابتك لفهم رحلة صامتة يخوضها جسدك، إننا جميعاً نعلم أن نقص الحديد في الجسم قد يؤدي إلى جميع ما ذُكر من أعراض، ولكن ماذا إن نفذت المخازن أيضاً من هذا العنصر النبيل؟ لنتعرف إلى أعراض نقص مخزون الحديد، ونُدرك أسباب هذه المشكلة لتفاديها.
ما أعراض نقص مخزون الحديد؟
الفيريتين (مخزون الحديد) هو بروتين معقد يعمل كأهم شكل لتخزين الحديد داخل الجسم البشري.
يوجد في خلايا مختلف الأعضاء، وخصوصاً في الكبد، والطحال، ونخاع العظام، إذ يساعد على تنظيم مستويات الحديد في الجسم. عندما تكون مخازن الحديد في الجسم كافية، يعمل الفيريتين كمستودع يخزن الحديد الزائد لاستخدامه في المستقبل. على العكس، عندما تكون مستويات الحديد منخفضة، يطلق الفيريتين الحديد المخزن لتلبية احتياجات الجسم.
تركيز الفيريتين في مجرى الدم يعكس بشكل مباشر كمية الحديد المخزنة في الجسم، لذا؛ يعد اختبار الدم للفيريتين أداة تشخيصية شائعة لتقييم حالة الحديد لدى الفرد وتحديد أي خلل أو نقص.
يمكن أن يتجلى نقص الفيريتين، في مجموعة متنوعة من الأعراض الجسدية والنفسية. من المهم ملاحظة أن شدة هذه الأعراض قد تختلف اعتماداً على درجة نقص الفيريتين والحالة الصحية العامة للفرد.
الأعراض الجسدية لنقص الفيرتين
أحد الأعراض الأكثر شيوعاً لنقص الفيريتين هو الشعور المستمر بالتعب ونقص الطاقة. قد يواجه الأفراد صعوبة في أداء المهام اليومية وقد يشعرون بالتعب بسهولة حتى بعد الراحة الكافية، وتتمثل الأعراض الأخرى في:
- عدم التوازن والإغماء؛ إذ يمكن أن يؤدي نقص الفيريتين إلى تقليل قدرة الجسم على نقل الأكسجين بشكل فعال، مما يؤدي إلى نوبات من الدوار أو الإغماء.
- ضيق التنفس خاصة في أثناء النشاط البدني؛ نتيجة عدم إنتاج خلايا الدم الحمراء بشكل كافٍ، وحالة فقر الدم.
- شحوب البشرة، وذلك نتيجة لمكافحة الجسم للحفاظ على مستويات الهيموجلوبين الكافية.
- خفقان القلب: يمكن أن تؤثر مستويات الفيريتين المنخفضة في قدرة القلب على ضخ الدم بشكل فعال، مما يؤدي إلى عدم انتظام ضربات القلب.
- الصداع، إذ لوحظ معاناة بعض الأفراد من صداع متكرر أو شديد، بما في ذلك الصداع النصفي.
- متلازمة تململ الساقين: رُبِط نقص الفيريتين أيضاً بزيادة خطر الإصابة بمتلازمة تململ الساقين، وهي حالة عصبية تتميز برغبة لا تقاوم لتحريك الساقين.
أعراض نقص مخزون الحديد النفسية
رُبط نقص الفيريتين بزيادة خطر بعض المشكلات النفسية، مثل:
- اضطرابات المزاج، مثل الاكتئاب والقلق، بما في ذلك التهيج، واللامبالاة، وعدم الاستقرار العاطفي.
- ضعف الأداء المعرفي: بالإضافة إلى الأعراض الجسدية، يمكن أن يؤثر نقص الفيريتين أيضاً في الوظيفة الإدراكية، مما يؤدي إلى صعوبات في الذاكرة والتركيز وحل المشكلات.
- انخفاض الرغبة الجنسية، ولوحظ ذلك لدى الرجال والنساء.
- زيادة التوتر والقلق: يمكن أن تساهم الأعراض الجسدية لنقص الفيريتين، مثل التعب والدوخة، في زيادة مستويات التوتر والقلق والانفعالية.
من المهم ملاحظة أن وجود هذه الأعراض لا يشير بالضرورة إلى نقص مخزون الحديد، إذ أنها قد تكون مرتبطة أيضاً بحالات طبية أخرى. إذا كنت تعاني من أي من هذه الأعراض، يُنصح باستشارة أخصائي الرعاية الصحية للتشخيص والعلاج المناسبين.
ما هو الفرق بين نقص الحديد ونقص مخزون الحديد؟
على الرغم من شيوع استخدام مصطلحي نقص الحديد ونقص مخزون الحديد بشكل متبادل، إلا أنهما يشيران إلى حالتين مختلفتين.
- نقص الحديد: يشير إلى نقص عنصر الحديد في الجسم، مما قد يؤدي إلى الإصابة بفقر الدم. يتميز بانخفاض عدد خلايا الدم الحمراء وكمية الهيموجلوبين، البروتين الذي ينقل الأكسجين في الجسم.
- نقص مخزون الحديد: هو حالة محددة تنخفض فيها مستويات الفيريتين، وهو البروتين المسؤول عن تخزين الحديد في الجسم. يمكن أن يحدث ذلك حتى في وجود مستويات طبيعية من الحديد في الدم.
الفرق الرئيسي هو أن نقص الفيريتين هو مؤشر أكثر تحديداً لحالة الحديد في الجسم، ويعكس كمية الحديد المخزنة في خلايا الجسم، في حين أن نقص الحديد هو مصطلح أوسع يشمل مجموعة من الحالات الطبية المرتبطة بنقص عنصر الحديد وسوء التغذية.
من المهم ملاحظة أن نقص الفيريتين يمكن أن يؤدي في كثير من الأحيان إلى نقص الحديد في الدم، حيث يمكن أن يؤدي استنفاد مخازن الفيريتين في النهاية إلى نقص الحديد المتاح لاحتياجات الجسم.
ومع ذلك، العكس ليس دائماً صحيحاً أي نقص الحديد لا يعني بالضرورة نقص الفيريتين.
ما هي نسبة مخزون الحديد الطبيعي؟
يمكن أن تختلف النطاقات الطبيعية لمستويات الفيريتين قليلاً اعتماداً على المختبر وعمر الفرد وجنسه. ولكن تُعد النطاقات المرجعية المقبولة بناء على الجنس كالآتي:
- للرجال: 12 إلى 300 نانو جرام/مل.
- للنساء: 12 إلى 150 نانو جرام/مل.
من المهم ملاحظة أن هذه النطاقات قد تتغير بشكل كبير، ويمكن لمقدمي الرعاية الصحية استخدام قيم مرجعية مختلفة قليلاً بناءً على المختبر المحدد الذي يجري الاختبار. إذا كانت لديك مخاوف بشأن مستويات الفيريتين لديك، فمن الضروري مناقشة النتائج مع مقدم الرعاية الصحية الخاص بك، الذي يمكنه تقديم الإرشادات بناءً على ظروفك الفردية.
ما أسباب نقص مخزون الحديد؟
هناك عدة أسباب محتملة لنقص الفيريتين، بما في ذلك:
- تناول غير كافٍ من الحديد الغذائي: يمكن أن يكون هذا شائعاً بشكل خاص بين النباتيين، والأفراد الذين لديهم نظام غذائي يفتقر بشدة إلى الأطعمة الغنية بالحديد.
- زيادة الاحتياجات من الحديد: بعض مراحل الحياة والحالات يمكن أن تزيد من حاجة الجسم للحديد، مما يؤدي إلى استنفاد مخازن الفيريتين. تشمل هذه الحالات الحمل، الدورة الشهرية الثقيلة، ونمو الأطفال والمراهقين.
- اضطرابات الامتصاص: في الحالات التي تؤثر في قدرة الجسم على امتصاص الحديد، مثل أمراض الأمعاء الالتهابية، مرض السيلياك، وجراحة تحويل مسار المعدة.
- فقدان الدم: يمكن أن يؤدي فقدان الدم المزمن أو الحاد، سواء من مصادر داخلية، مثل النزيف المعوي أو مصادر خارجية، مثل الدورة الشهرية الكثيفة إلى استنفاد مخازن الحديد في الجسم وبالتالي نقص الفيريتين.
- الأمراض المزمنة: بعض الحالات الطبية المزمنة، مثل السرطان، مرض الكلى، واضطرابات المناعة الذاتية، يمكن أن تتداخل مع قدرة الجسم على استخدام وتخزين الحديد، مما يؤدي إلى نقص مخزون الحديد.
- العوامل الوراثية: في حالات نادرة، يمكن أن تساهم الاضطرابات الوراثية، مثل انعدام الترانسفيرينيمين (Atransferrinemia)، التي تضعف قدرة الجسم على نقل الحديد، في تطور نقص الفيريتين.
قد يهمك: سبب اضطراب النوم عند الطفل
فهم الأسباب الكامنة وراء نقص الفيريتين ضروري لتحديد النهج العلاجي المناسب ومنع المزيد من المضاعفات.
ختاماً، نأمل أن تكون هذه الرحلة قد أوضحت لك أعراض نقص مخزون الحديد وأسبابه. تذكر، نقص مخزون الحديد ليس قدرًا محتوماً، بل هو فرصة لفهم احتياجات جسمك بشكل أفضل، وإجراء تغييرات إيجابية على نظامك الغذائي ونمط حياتك.
لا تتردد في استشارة الطبيب عند ملاحظة أي من الأعراض المذكورة، فالتشخيص المبكر والعلاج المناسب هما مفتاح استعادة صحتك وحيويتك. انتظرونا في مقالنا القادم، حيث سنُلقي الضوء على علاج نقص مخزون الحديد ونقدم لك نصائح قيّمة للوقاية من هذه الحالة.
أيضا